مؤشرات أولية تؤكد تحول صيغة الاستقطاب في الجبهة المقابلة للترويكا الحاكمة من حلفاء يجتمعون حول حزب نداء تونس الى مشروع حلف نواته الجبهة الشعبية... معطيات يمكن ان تؤشر على نهاية الالتفاف حول نداء تونس وبداية الالتقاء مع الجبهة الشعبية.
في فترة قصيرة يصدر بيانان مشتركان الاول بين حزب الجبهة الشعبية والحزب الجمهوري والثاني بين الجبهة الشعبية والمسار الديمقراطي الاجتماعي، هذان البيانان سبقهما حوار لرئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي انطوى على بذور خلاف مع حليفيه الحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي الاجتماعي.
الخلاف داخل «ترويكا» المعارضة بقيادة نداء تونس وبتحالف المسار والجمهوري، تلاه لقاء بين وفدين من الحزب الجمهوري والحركة الشعبية ولقاء تشاوري جمع اول امس الجبهة الشعبية والمسار الديمقراطي الاجتماعي, والذي مثل فرصة لطرح ومناقشة جملة من النقاط والمعطيات شملت تشخيص الوضع العام بالبلاد وتم اصدار بيان مشترك تحدث عن صعوبة المرحلة الانتقالية، وما تقتضيه من توحيد الجهود خاصة في مواجهة ما اعتبره البيان «عنفا ممنهجا يهدّد مسار الانتقال الديمقراطي برمته». كما اتفق الجانبان على مواصلة الالتقاء وتعميق العمل على انجاز مهام مشتركة بدءًا بتنظيم التظاهرات بمناسبة الذكرى الثانية لثورة الحرية والكرامة (17 ديسمبر / 14 جانفي)، مع التنسيق المستمر لمواجهة ظاهرة العنف وتنظيم مؤتمر وطني بين كل القوى السياسية والاجتماعية والمدنية المناهضة للعنف السياسي.
ومن ابرز النقاط التي تماهت اطروحات الجانبين فيها «ضرورة صياغة دستور الجمهورية الثانية على أساس مدنية الدولة والسيادة الوطنية وكونية حقوق الإنسان وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمساواة الفعلية بين النساء والرجال» و«ضرورة تحديد رزنامة المواعيد الانتخابية بصفة مدقّقة وتفعيل مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل» اضافة الى التأكيد على مواصلة العمل من أجل تحقيق أهداف الثورة، خاصة أمام ما اعتبراه «من تهديد للثورة ومن تنكر والتفاف وتجاوزات خطيرة».
كما اتفق الطرفان على محاولة القضاء على العنف السياسي الذي يهدّد السلم الأهلي وأمن المواطنين ويغذّي الشكوك في إمكانية إنجاز الاستحقاقات الانتخابية القادمة في مناخ ملائم، كما جاء في البيان المشترك بين الطرفين موقفهما القاضي بوجوب تحييد وزارات السيادة والإسراع في وضع آليات العدالة الانتقالية وتركيز الهيئات العليا المستقلة للقضاء والإعلام والانتخابات ووضع قانون انتخابي توافقي، وضمان حياد الإدارة ودور العبادة والنأي بها عن التجاذبات السياسية التي من شأنها زرع الفرقة والتباغض بين المواطنين وصيانة المكاسب الحضارية لشعبنا والمتمثلة بالخصوص في وحدة المنظومة التعليمية، والمطالبة بضرورة اتخاذ الإجراءات العاجلة للحد من ارتفاع الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية والقطع مع منوال التنمية الذي عمّق أزمة البطالة ووسّع دائرة تهميش الجهات الداخلية.
هذا البيان الثنائي ليس الاول من نوعه بل هو الثاني في فترة قصيرة حيث صدر بيان مشترك عن الحزب الجمهوري والجبهة الشعبية يوم 25 ديسمبر 2012، وكان مشابها للبيان المشترك ما بين الجبهة والمسار حيث كان تشخيصا لبعض الاشكالات على الساحة الوطنية ومحاولة طرح حلول لها اذ جاء في البيان ان وفدا الحزبين الملتقيان يومها يعبران عن «عميق انشغالهما لما يتسم به الوضع العام من ضبابية وانعدام الرؤيا حول نهاية المرحلة الانتقالية الحالية ويعتبران أن مصلحة تونس واستقرارها تقتضي انهاء المرحلة الانتقالية واجراء الانتخابات القادمة في اقرب وقت ويجددان الدعوة إلى تفعيل مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل رسم خطة لإنهاء المرحلة الانتقالية وضبط مقتضيات إدارتها سياسيا واجتماعيا وذلك بتحديد التاريخ النهائي للانتخابات العامة وتهيئة شروط قيامها وفي مقدمتها الانتهاء من صياغة الدستور وسن قانون انتخابي جديد وتوفير مناخ سليم يضمن شفافية ونزاهة هذه الانتخابات».
كما جاء في البيان انهما يستنكران ما جرى يوم 22 ديسمبر 2012 بجزيرة جربة من اعتداء على حرية الاجتماع ويعتبران أن هذا الاعتداء الذي جاء ضمن سلسلة من الاعتداءات الأخرى، كما دعا الوفدان الى عقد مؤتمر وطني لمناهضة العنف وتوفير مناخ سلمي وديمقراطي في البلاد.كما عبرا عن انشغالهما العميق إزاء تردي الأوضاع الاجتماعية للمواطنين جراء استشراء البطالة وغلاء الأسعار وتعطل التنمية في الجهات وتدهور الأوضاع الأمنية ويؤكدان أن نجاح الثورة وانتصار الديمقراطية يتوقفان على الاستجابة العاجلة للمطالب الاجتماعية المشروعة للمواطنين في كافة الجهات ويجددان دعمهما لكل التحركات السلمية المطالبة بالتشغيل والتنمية العادلة.
وفي خاتمة البيان جاء ان الوفدين قررا مواصلة التشاور بينهما ودفع التنسيق في أنشطتهما الميدانية للدفاع عن الحرية ومقاومة العنف ومساندة التحركات الشعبية العادلة. ويقرران في هذا الإطار إحياء الذكرى الثانية لسقوط الدكتاتورية ضمن تظاهرة وطنية مشتركة.