مثّل المهرجان الدولي الأول لمسرح الطفولة والشباب الحدث السعيد لجمهور متعطش جدّا للثقافة في عقارب خصوصا وأنّه تزامن مع العطلة المدرسيّة. اذ استمتع الأطفال والشباب خاصة مع جملة من العروض الدوليّة الراقية التي قطعت مع الرّداءة ومثّلت منعرجا جديدا في لامركزيّة الثقافة.
فتابع الأطفال عروضا من العراق والامارات والجزائر والبرازيل وحتّى تركيا ولم تكن اللّغة عائقا اذ أقبل الجمهور بكثافة وغصّت قاعة دار الثقافة أثناء كلّ العروض ممّا جعل أغلب الحضور يواكب الأنشطة المسرحيّة في ظروف غير مريحة رغم اجتهاد أسرة التنظيم.
الأسرة المنظّمة لهذا المهرجان العالمي تكوّنت من الجمعيّة التونسيّة لمسرح الطفولة والشباب للأخوين شكري وسامي البحري ودار الثقافة بعقارب والمندوبيّة الجهويّة للثقافة بصفاقس. وطبعا اجتهدت وسعت الى اهداء جمهور المسرح بعقارب عديد العروض الناجحة أهمّها على الاطلاق العرض الفرنسي «عملاق الملح» للممثّل الكبير «فريديريك ايريرا» المتخصّص في الأعمال المسرحيّة الموجّهة للطفل خصوصا.
وقد خصّ هذا الممثل جمهور عقارب بعرضه العالمي الأول للمسرحية العجائبيّة «عملاق الملح» قبل أن يشدّ الرّحيل الى المكسيك وفرنسا وكوستاريكا على حدّ قوله. وعلى اثر عرضه الناجح فنّيا وجماهيريا بعقارب التقت «الشروق» هذا الممثّل الذي عبّر لنا عن سعادته الكبرى بالحفاوة والاقبال الجماهيري الرّهيب الذي شهده عرضه بفضاء دار الثقافة بعقارب.
مؤكّدا أنّ مسرحيّة «عملاق الملح» مأخوذة عن رواية ل«رابلي فرسوا» تتحدّث عن شخصيّة أسطوريّة هي سليلة عائلة عملاقة تحيل في مضمونها الى الأسطورة اليونانيّة التي تتحدّث عن العمالقة كقوى خارقة مثل هرقل.
المسرحيّة هي عمل فنّي يجمع بين العجائبيّة والضحك والتشويق وتحوي رسالة موجّهة الى الملتقى حول حركة الأرض والكوارث التي تهدّدها.
من جهة أخرى مثّل العرض الفرجوي «الفنّي رغما عنّي» حدثا فرجويا من نوع خاص جدّا اذ انتظم يوم السوق الأسبوعيّة بالساحات العامة وتابعه جمهور بالمئات وتفاعل معه الأطفال نظرا لخصوصيّة ما يقدّمه للناشئة من لوحات تعبيريّة وحركات جسمانيّة معبّرة.
بقي أن أشير في الأخير أنّ المهرجان كشف أيضا ابداعات محليّة لافتة على غرار عرض «صندوق عجب» للثنائي بدر الدين بن روينة وعلي عكاشة وعرض «سبعة أطفال يهود» للجمعيّة التونسيّة لمسرح الطفولة والشباب. وبرغم هذه النجاحات لمهرجان دولي في خطوته الأولى يبقى غياب الفضاء أكبر عائق لأنّ طاقة استيعاب فضاء دار الثقافة محدود جدّا.