كثف الحزب الجمهوري خلال الأيام الماضية من اللقاءات التي كانت في شكل ندوات تعرض فيها إلى بعض القضايا المهمة التي تشغل بال التونسيين ومن بينها قضية التشغيل، وذلك في إطار حرصه على الاتصال المباشر بقواعده. وفي هذا السياق نظم مكتب الحزب الجمهوري بالمنستير صباح الأحد الماضي بأحد نزل المدينة ملتقى حول آليات التحفيز على التشغيل والعمل المستقل حضره سعيد العايدي عضو الهيئة التنفيذية للحزب ووزير التشغيل السابق بالإضافة إلى ممثلين عن الجمعيات وعن بعض الأحزاب السياسية على غرار نداء تونس والمسار الديمقراطي والمبادرة.
واقع التشغيل
وكان الملتقى فرصة تدارس فيها الحاضرون واقع التشغيل في تونس وآفاقه وتطرقوا إلى جملة الإشكاليات والعوائق التي تحول دون الحد من البطالة وقدموا تصورات الحزب وبرنامجه في هذا المجال.
وقد افتتح الأستاذ سامي بن الحاج صالح الملتقى من خلال طرحه الإشكالية القائمة حاليا في قطاع التشغيل والتساؤل عن كيفية الحد من نسبة العاطلين في صفوف حاملي الشهائد العليا بالإضافة إلى إبراز عدم ملاءمة متطلبات سوق الشغل مع نظامي التعليم العالي والتكوين المهني وتقديم نسب البطالة المسجلة في تونس والتي تراوحت بين 51 بالمائة في ولاية تطاوين و5 بالمائة في ولاية المنستير.
ثم بعد ذلك قدم الأستاذ فهمي الصيادي مداخلة تحت عنوان «برامج حفز طرق التشغيل المعتمدة» تحدث فيها عن الفرق بين عقود الشغل وعقود التشغيل باعتبار أن الأول هو اتفاق بين طرفين هما العامل والمشغل والثاني هو علاقة بين أطراف ثلاثة هي صاحب المؤسسة والوكالة الوطنية للتشغيل والمتربص.
ثم تطرق بعد ذلك إلى مختلف عقود التشغيل التي تضعها الدولة لفائدة الشباب العاطل عن العمل على غرار عقود التربص والإعداد للحياة المهنية وبرامج التشغيل وعقود التأهيل والإدماج المهني ومنحة البحث النشيط عن العمل «أمل» التي كانت في وقت ما حلاّ اعتمدته الحكومة الانتقالية بقيادة الباجي قائد السبسي وكذلك برنامج التشجيع على العمل.
وتحدث الصيادي أيضا عن الحوافز التي تضعها الدولة لفائدة المؤسسات التي تنتدب العاطلين عن العمل مشيرا إلى أن «كل هذه الجهود تبقى غير كافية لمجابهة ظاهرة البطالة في تونس خاصة بعد ثورة الحرية والكرامة».
منهجية البحث عن الشغل
ومن جهتها قدمت الأستاذة سعيدة بوكمشة مداخلة تحت عنوان «تقنيات التواصل الايجابي في ميدان التشغيل» أكدت من خلالها أن عملية الاتصال مفقودة عند الشباب الباحث عن العمل وهو ما يستدعي تعليمه منهجية البحث والتواصل انطلاقا من تكوين الملف الخاص ثم تكوين فكرة شاملة حول المؤسسة المقدمة لعرض الشغل وصولا إلى المكان الذي سيشغله والإضافة المنتظرة التي سيقدمها في المؤسسة.
أما سعيد العايدي الوزير السابق للتشغيل فقد قال في كلمته إن المشكلة المطروحة اليوم على مستوى التشغيل هي مشكلة هيكلية بالأساس وقدم أرقاما عن عدد المعطلين عن العمل الذين من المتوقع حسب رأيه أن يرتفع عددهم بعشرات الآلاف خلال السنوات المقبلة استنادا إلى الأرقام المقدمة من طرف المختصين.
وتطرق أيضا إلى أسباب البطالة التي من أجلها قامت ثورة 14 جانفي وأوضح أن «الشغل يحقق كرامة الفرد وعليه لابد من أخذ الموضوع على محمل الجد خاصة أن كل المؤشرات الحالية تؤكد عجز الحكومة عن الحد من البطالة وعن إيجاد حلول جذرية لهذه الإشكالية التي تؤرق الشباب».
وأشار العايدي إلى إن النظام السابق له بعض الايجابيات في مجال التشغيل لا بد من التشجع وأخذها بعين الاعتبار.
وركز في حديثه عن السياسة الجهوية التي أكّد أنها لابد أن تتغير خاصة أن عدد العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات في تزايد مستمر وأن عمليات الاستثمار وخلق مواطن الشغل شهدت تراجعا كبيرا خلال الأشهر الأخيرة وأن أكثر من 50 بالمائة من المتخرجين من جامعات القيروان وقفصة وجندوبة والكاف لا يجدون عملا.
وأكد العايدي كذلك ضرورة أن يتم إعادة النظر في التوجيه الجامعي والاعتماد على القطاعات الكبرى على غرار تكنولوجيا الاتصال والطاقات البديلة والصناعات الغذائية والموارد البشرية والسياحة والصناعات التقليدية وهي قطاعات استراتيجية مع السعي إلى تحقيق اللامركزية وبعث أقطاب صناعية جهوية تساعد على الحد من البطالة وبعث موارد الرزق في مختلف جهات الجمهورية وهو ما تقوم هياكل الحزب الجمهوري بدراسته وطرق تطبيقه، حسب قوله.