أمام تنامي ظاهرة العنف اللّفظي والمادّي داخل المؤسّسات التّربويّة وتوتر العلاقة بين المربّي والتّلميذ قام أساتذة بعض المعاهد الثّانويّة بإضراب عن العمل للاحتجاج على تفاقم هذه الظّاهرة الّتي هزّت صورة المؤسّسة التّربويّة. ولمعرفة أسباب هذه الظّاهرة واستشراف الحلول ، تحدّثت الشّروق إلى بعض المربين فكان النقل التالي:
السّيد علي عيساوي أستاذ أوضح أنّ ما يحدث بالمؤسّسات التّربويّة وبمحيطها من مظاهر غير صحيّة هو تراكمات لسياسة تربويّة فاشلة قوامها الوساطة والمحسوبيّة انتهجها النّظام البائد من ناحية ومن ناحية اخرى اشار محدثنا أنّ تغيّر نظرة المواطن التّونسي للتّعليم باعتباره لم يعد مصعدا للارتقاء الاجتماعي وذلك تحت تأثير العولمة له علاقة بهذا الموضوع ييضاف إلى ذلك فساد المنظومة التّربويّة الّتي أصبحت غير قادرة على الاستجابة مباشرة لتطلّعات المتخرّجين من الجامعات ثمّ الانفلات الأمني الّذي هو من إفرازات الثّورة وقد استغلّته بعض الأطراف للاعتداء على المؤسّسات التّربويّة والعاملين فيها.
اما السّيد علي السّعيدي متفقّد بالمدارس الابتدائية فهو يرى أنّ انتشار العنف بالمؤسّسات التّربويّة مردُّه تغيّر النّظرة الاجتماعية لرجل التّربية عموما والّتي شهدت تراجعا مطردا في السّنوات الأخيرة حيث يغيب تطبيق القوانين وتنسج العلاقات والمعارف قانونها البديل ويصبح الالتزام بالفصول القانونيّة والسّعي إلى ضبط النّظام وتفعيل التّراتيب المدرسيّة خروجا عن المألوف ففي تطبيق القانون وبالقانون وحده تتّم حماية المؤسّسات التّربويّة وضمان واجبات وحقوق من يعمل فيها ومن يؤمها من أسرة تربويّة وتلاميذ وطلبة وجهاز إداري وأولياء كما يرى أحد الأساتذة أنّ التّوظيف السّياسي لمنظومة حقوق الطّفل تجعل التّلميذ يسعى إلى إقامة علاقة ندّيّة مع أستاذه والدّخول معه في صراع لإثبات الذّات.
أمّا عن الحلول الاستشرافية فيرى جلّ المتدخّلين أنّ سلطة الإشراف معنيّة بتشريك كلّ الأطراف لإصلاح المنظومة التّربويّة بما في ذلك الوليّ والتّلميذ وذلك لتجنّب أحاديّة القرار وتفعيل أنشطة النّوادي والجمعيّات الّتي يُمكن أن تُوجّه التّلميذ وتُؤطّره .