عاجل/ تغيّرات جوية مرتقبة ووزارة الفلاحة تحذّر..    هل حيك معني؟ الستاغ تركّب منشآت جديدة في منوبة وتُوعد بنهاية الهبوط الطاقي    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن التركيبة الكاملة للإطار الفني للموسم الحالي    البطولة الوطنية لكرة اليدّ على الأبواب.. وهاذم التواريخ    لطفي رياحي: ''تمييز مجحف بين السائح الأجنبي والتونسي... لازم توحيد الأسعار''    تركيبة الإطار الفني الجديد للملعب القابسي    هل سيُحيي نجل فضل شاكر حفلاً في تونس؟ إدارة مهرجان القيروان تُوضح    تفاصيل برمجة الدورة 37 من مهرجان نابل الدولي    موفى جوان 2025: عجز تونس التجاري يتفاقم إلى 9،900 مليار دينار..    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    وقتاش تعرف إلي بطارية كرهبتك تعبت ؟ العلامات إلي ما يلزمكش تغفل عليهم!    النادي الإفريقي: رئيس الهيئة العليا للرقابة يكشف عن ديون سابقة لم يتم تسويتها    الكاف يفتح تحقيق ضد المنتخب الجزائري للسيدات    مركاتو: مانشستر يونايتد يتعاقد مع نجم لوهافر الفرنسي    سرّ تخزين الدلاع باش ما يفسدش فيسع    عاجل/ أول تصريح لنتنياهو حول اتفاقه مع ترامب بشأن غزة..    سهرة فنية تراوح بين الموسيقى والمسرح في الدورة 37 من مهرجان نابل الدولي    بعد العاصفة الرملية التي شهدتها توزر وقبلي: معهد الرصد الجوي يكشف التفاصيل..#خبر_عاجل    الحماية المدنية : 130 تدخلا لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة    كأس العالم للأندية 2025: صراع محتدم على الحذاء الذهبي قبل االمباراة النهائية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أكثر من 25 بالمائة من الناجحين من شعبة البكالوريا رياضيات يتحصّلون على ملاحظة حسن جدّا    هام/ نسب النجاح في دورتي البكالوريا حسب الولايات..    هام/ هذه الدول الأكثر طلبًا للكفاءات التونسيّة والمهن المطلوبة..    ولاية تونس : توجيه تنابيه لمن لم يلتحقوا بالنقاط المسندة إليهم بالأسواق البلدية البديلة    نجاح 21 تلميذا من أبناء قرى الأطفال "أس و أس" في دورة المراقبة لباكالوريا 2025    معز حديدان: 75 بالمائة من دعم الحبوب تذهب للأثرياء و 1 بالمائة فقط للفقراء... إصلاح منظومة الدعم أصبح ضرورة عاجلة    4 سنوات سجن في حق رجل الأعمال لزهر سطا وخطية تفوق 5 ملايين دينار    عاجل: صدور حكم بالسجن سنة مع وقف التنفيذ ضد نجل فنان مشهور    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    القهوة باش تغلى؟ البرازيل في وجه العاصفة وترامب السبب    قوة إسرائيلية تتسلل داخل الأراضي اللبنانية وتنفذ عملية تفجير    طيران الإمارات تتصدر تصنيف YouGov لأكثر العلامات التجارية العالمية الموصى بها لعام 2025    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    كفاش تحمي صغارك من شمس الصيف؟ نصائح ذهبية من أطباء الأطفال    برد الكليماتيزور يداوي ولا يضر؟ طبيبة توضّح شنو يلزمك تعمل    السخانة باش ترجع في الويكاند؟    حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم سلاحه    مقتل 150 مسلحاً في كمين للجيش النيجيري    باكستان.. مقتل 9 ركاب حافلة بعد اختطافهم من قبل مسلحين    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    الحذرَ الحذرَ، فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً    عاجل: من 20 إلى 90 دينار: تذاكر مهرجان قرطاج تثير الجدل من جديد    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    معز حديدان: "كلفة دعم الخبز يمكن أن تبني 4 مستشفيات جامعية سنويًا... وقد حان وقت إصلاح المنظومة"    الليلة: خلايا رعدية وأمطار مع تساقط محلي للبرد    نسبة النجاح العامة في الدورتين الرئيسية والمراقبة لبكالوريا 2025 تبلغ 52.59 بالمائة    إختتام مشروع تعزيز الآلية الوطنية لتأطير الصحة الحيوانية البيطرية بتونس    الموت في لحظة غفلة: السباحة الليلية تودي بحياة مراهق في بن قردان    عاجل: فيفا تُصدر تصنيف جويلية 2025...تعرف على مرتبة تونس عالميا وافريقيا    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقف حزب الطليعة العربي الديمقراطي بخصوص العدالة الانتقالية
نشر في الشروق يوم 14 - 01 - 2013

نتابع بكل قلق سير المحاكمات المتصلة سواء بقضايا الشهداء والجرحى أو بقضايا الفساد مثلما نتابع بذات القلق ما يتواتر من أنباء موضوعها التعويض وجبر الضرر لضحايا الاستبداد لقد سبق لنا وأن عبرنا عن شكوكنا التي نشاطر فيها أبناء شعبنا وخصوصا أسر الشهداء والجرحى وضحايا القمع والتهميش والفساد حول مدى نجاعة الآليات المعتمدة في البحث والتحقيق والتقصي للوصول الى الحقيقة مثل نجاعة الآليات المعتمدة في البت في القضايا وإصدار الأحكام باعتبار أن هذه الآليات لا يمكن بأي حال من الأحوال من حيث التركيبة والصلوحيات والامكانيات والسند القانوني والشرعي فضلا عن السياقات التي نشات فيها والأغراض والدوافع التي أنتجتها أن تبحث عن الحقيقة بكل مهنية ونزاهة وتجرد وكفاءة فضلا عن أن تتوصل إليها وأن تثبتها وتقر بما يستتبع ذلك من حقوق وجزاء وعقاب عادل وأحكام منصفة وإن خشيتنا كبيرة من أن تضيع الحقيقة والحق بتضافر إرادة المسؤولين عن الفساد والاستبداد من ناحية والتوظيف الحزبي المصلحي لمتعهديهما وغياب المقاربة السليمة الشاملة والمتكاملة للمعالجة من ناحية ثالثة وهو ما يقتضي مقاربة أولى فلسفية أخلاقية وحقوقية تستبق المعالجة السياسية والتشريعية وما ينجر عنها من معالجة فنية وإجرائية أمنية وقانونية ضمن منظومة عدالة انتقالية لا ترتهن إلى مساعي استباقية لبعض من يريد أن ينحرف بها ويخضعها إلى أجندات مريبة.

إن الضرورة تقتضي حصول حوار وطني واسع يتفق على مقاربة فلسفية أخلاقية وحقوقية تتعلق بمجالي الحقيقة والحقوق وذلك:
1 لتحديد معاني مشتركة لهذه المفاهيم وضبط معايير واضحة يحتكم إليها في التثبيت والتصنيف عند تناول الوقائع والأحداث والحكم عليها وعدم الخضوع للأهواء والتجاذبات السياسية والتوظيف الحزبي الذي من شأنه طمسها أو تجزئتها أو تضخيمها أو تزييفها وتحريفها فتضيع الحقيقة والحقوق وتقع العدالة في شرك جديد للمظالم والاستبداد والفساد.
2 لحصر مجالات الفساد والاستبداد ومواقعهما ومواطنهما وسياقاتهما وآلياتهما ورعاتهما والمستفيدين منهما ثم المتضررين مباشرة وغير مباشرة طبقات وفئات ومجموعات وتيارات وأحزابا وأفرادا وهو ما يقتضي قبل هذا وذاك تحديد الحيز الزمني المعني بالحصر والجرد والتقصي.
3 لحصر معايير واضحة تنزل مفهوم جبر الأضرار وتثبيت الحقوق وتشكل مرجعا لها في التفريق بين الحق في جبر الضرر والحق في التكريم مثل التفريق بين ضحايا توجهاتهم أو مواقفهم أو نشاطاتهم السياسية أو الاجتماعية أو الابداعية وبين ضحايا القمع العشوائي الأعمى أو القمع بالتبعية بسبب القرابة أو الجيرة، والضحايا الجماعيين وطنيا وجهويا وفئويا وطبقيا وشعبيا من سياسات القمع والتهميش والإفقار والانتقام والاستغلال بأنواعها.
4 لتحديد معايير واضحة لتقييم الأضرار حجما ونوعا ووسائل ومصادر وجدولة وتحديد دور المتسببين والمجموعة الوطنية والدولة في جبر تلك الأضرار .
5 لتحديد الآليات الناجعة الفنية والمهنية التي يمكن أن تطمئن الأطراف المعنية إلى حيادها ونزاهتها ومهنيتها وتمكينها من كل الوسائل والصلاحيات قانونيا وماديا وفنيا لتقصي الحقائق بحثا وتدقيقا للقيام بعملها بناء على المبدأين السابقين بكل استقلالية ومهنية.
6 لتحديد الآليات القضائية الناجعة للبت قانونيا في تثبيت الحقيقة وتبعاتها الجزائية والتعويضية بالاستناد إلى المبادئ السابقة والاعتماد عليها وعلى ما يخدم العدالة.

إن حزب الطليعة مثل بقية أبناء شعبنا وفئاته يتطلع في ذات الوقت إلى كشف الحقائق والمسؤوليات ومن ثم تثبيت حقوق الضحايا وجبر الأضرار لمستحقيها ولا يمكن أن يرتضي بوضع الحقائق والحقوق رهينة صراعات سياسوية ومصالح أطراف همها طمس الحقيقة والتنصل من المسؤولية ملتقية بأطراف تريد توظيفها جزئيا لمصالحها الحزبية الضيقة وأخرى تريد القفز عليها في نطاق المماحكة الحزبية ولذلك دعت وتدعو إلى أن يكون ذلك موضوع وفاق وطني يتعالى عن الأنانية وعن الشبهات ويضع على رأس أولوياته :

1 كشف الحقيقة للتاريخ والشعب وللضحايا وعائلاتهم وكشف المجرمين حتى لا يدور في خلد أحد أنه بإمكانه النجاة من جريرة أعماله. أو أن له حصانة أيا كانت أسسها تجعله بمنآى عن المحاسبة.
2 تثبيت حقوق الضحايا وورثتهم أو المجتمع بالنيابة عنهم في الوصول إلى الحقيقة ومعاقبة المتسببين في محنتهم وجبر الأضرار الحاصلة.
3 لا يمكن استثناء مرحلة من تاريخ تونس خصوصا منذ 1955 ولا أي فئة أو شريحة أو تيار أو هيئة بدءا من مناضلي الحركة الوطنية الذين همشوا أو قمعوا على خلفية مواقفهم من الاستقلال الداخلي مرورا بضحايا الحركة النقابية والطلابية وضحايا الرأي والاحتجاجات السياسية والاجتماعية الفردية والجماعية انتهاء بكل من تأذى خلال المرحلة الانتقالية بمحطاتها المختلفة من واجب شمولها بالعدالة بحثا ومحاسبة وتكريما وجبرا للأضرار والاستعانة بمكونات المجتمع المدني في ضبط قوائم المتضررين كل حسب مجاله من سياسيين ونقابيين وفنانين وأدباء ومبدعين عموما ومفكرين وباحثين وإعلاميين وغيرهم.
4 اعتبار أن الدولة مسؤولة بشكل أساسي على رعاية هذا الحوار وإنجاحه وتنفيذ ما يترتب عنه، مثل مسؤوليتها عن جبر الأضرار الحاصلة للفئات والطبقات والجهات بسبب الميز والفساد والعقاب الجماعي من خلال منوال تنموي يراعي حجم الأضرار اللاحقة بها ويعمل على تداركها.
5 من غير المقبول معاقبة المجموعة الوطنية وهي الضحية بطبعها في مجموعها وخصوصا مكوناتها الطبقية والفئوية والجهوية التي طالما تضررت وتحميلها أعباء جبر الأضرار كما أنه من غير المقبول أن يتم بدون النظر إلى امكانيات البلاد ولا على حساب المصالح العليا للشعب وأجياله القادمة والطموحات المتصلة بتحقيق تنمية حقيقية شاملة وعادلة وما تحتاجه من موارد.واعتبار أن المسؤول الأساسي عن ذلك هم المتسببون فيه ورعاته ومرتكبوه.
6 اعتماد معايير واضحة للتفريق بين المناضلين الذين قدموا طوعا أعمارهم ومالهم وأرواحهم فداء للمبادئ والرأي والشعب والوطن مدركين حجم المخاطر والتضحيات والأضرار التي تنتج عن ذلك وغير منتظرين لا جزاء ولا شكورا معتبرين أن ذلك واجب تحتمه عليهم أخلاقهم وقيمهم ومبادئهم وخياراتهم وهم يستحقون كل الاحترام والتقدير والإجلال اللائق بهم وتحديد أشكال تكريمهم من قبل الدولة، وبين غيرهم من الضحايا الذين دفعوا ضريبة القمع العشوائي والاستعمال المفرط وغير المبرر للعنف وهم المستحقون الحقيقيون لجبر الضرر. فضلا عن التفريق بين كل من يقع تحت هذين التصنيفين وبين من تثبت حقيقة تورطه في خيار العنف المسلح بأنواعه وممارسته أيا كانت دوافعه ومبرراته وكذلك بين المورطين في أعمال نهب وعنف لا علاقة لها بالأهداف المشروعة للثورة وإن كانت الأضرار التي لحقتهم لا ترتقي من حيث النوع والكيف إلى نوع الجرم الذي ارتكبوه ويستوجب جبرا للضرر ولا يستثنى من ذلك رجال الأمن الذين تضرروا أثناء قيامهم بوظيفتهم بغض النظر عن الملابسات المحيطة ودون القفز عليها ومنهم من كان ضحية قيامه أداء واجبات وظيفته في خدمة الدولة بغض النظر عمن يدير دفتها وعن مؤسساتها وبغض النظر أيضا عمن يستهدفها .

أحمد الصدّيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.