هل فشلت وزارة الثقافة في حماية المعالم الدينية والثقافية بعد تكرر الاعتداءات وتواصلها على مقامات الأولياء الصالحين والأضرحة والزوايا وآخرها مقام الولي الصالح سيدي بوسعيد؟ سؤال قد لا يخص في الحقيقة وزارة الثقافة وحدها وانما يشمل كذلك وزارات الشؤون الدينية والسياحة والداخلية، اذ ما حدث في سيدي بوسعيد مثلا سيؤثر حتما في القطاع السياحي وذلك بعد تناقل العديد من وسائل الإعلام الغربية التي تعرف جيدا مدينة سيدي بوسعيد بوصفها مدينة سياحية ومعلما حضاريا متوسطيا، خبر الاعتداء على مقام الولي الصالح بالمدينة. وذهبت صحيفة «Sud Ouest» الفرنسية الى حد وصف الاعتداء بالارهاب وغياب الأمن في تونس.
مسؤولية وزارتي الثقافة والشؤون الدينية
ورغم استنكار وتنديد وزارة الثقافة بهذه الاعتداءات المتكررة على المعالم الثقافية والدينية، ورفع قضايا عدلية ضد الجناة، الا ان الاعتداءات لم تتوقف بل ان عددها تضاعف في الفترة الأخيرة متجاوزا 12 اعتداء حسب ما جاء في البيانات الرسمية. ويعود ذلك أساسا الى عدم جدية الإجراءات المتخذة لحماية المعالم الثقافية والدينية، سواء من وزارة الثقافة أو وزارة الشؤون الدينية او وزارة الداخلية أو وزارة السياحة. ولعل تكرر هذه الاعتداءات هو من تداعيات خطاب وزير الثقافة في ما عرف بحادثة قصر العبدلية حين توجه باللوم الى المبدعين بتعلة المساس بالمقدسات وهو ما شجع المعتدين على معرض العبدلية وقتها على مواصلة غزواتهم التي تطورت كما يبدو لتشمل المعالم الثقافة والدينية. كما اكتفت وزارة الشؤون الدينية المسؤول المباشر عن المعالم الدينية بإصدار بيانات هزيلة على اثر كل اعتداء وآخرها البيان الصادر في جريمة مقام سيدي بوسعيد، حتى أنه لم يتضمّن اسم المقام، وجاء شاملا يبطن في نصّه خطابا سياسيا وحزبيا واضحا، يبرز الخلفية السياسية والايديولوجية للوزير وحزبه وموقفهما من هذه الاعتداءات، إضافة الى عدم تدخل هذا الأخير في خطابات بعض الأئمة المتشدّدين في المساجد والجوامع العائدين إليه بالنظر والداعين في خطبهم الى الفتنة وتكفير الناس وتدنيس المقامات والأضرحة والزوايا بتعلّة الشرك باللّه، وهو ما من شأنه أن يشجع على الاعتداء على هذه المعالم الدينية والثقافية.
إجراءات متأخرة
وزار ة الداخلية من جهتها لم تأخذ الاعتداءات الأولى على الزوايا والأضرحة بعد 14 جانفي 2011 مأخذ الجد، وهو ما شجع على انتشارها وتكرّرها ولم يقع بالتالي حمايتها وتشديد الحراسة من حولها إلا حديثا بعد أن أصبحت تشكل ظاهرة خطيرة وملفتة.
السياحة غائبة
أما وزارة السياحة المعنية بدورها بالمعالم، سواء التاريخية أو الثقافية أو الدينية لأنها تمثل مصدر استقطاب للسياح وأهم مورد اقتصادي للبلاد، فهي تكاد تكون غائبة حتى أنها لم تصدر أي بيان تنديد أو استنكار على ما حدث في سيدي بوسعيد كواحدة من أهم المدن السياحية في البلاد. وإذا كانت الاعتداءات على المعالم الثقافية والدينية بالبلاد قد تضاعفت وخصوصا في الفترة الأخيرة فلأن الوزارات المذكورة لم تقم بدورها. وهذا عائد بالأساس الى غياب الإرادة السياسية في معالجة مثل هذه الظواهر الخطيرة من قبل السلطة الحاكمة.