بدأ العد التنازلي، وبدأت معه الاستعدادات حثيثة للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فغمرت الأسواق والمحلات التجارية، بضاعة «الزقوقو» ومشتقاته، غير أن أسعارها «من نار» وهو ما قد ينخر «جيب» المواطن البسيط. لا يخفى عن العارفين بمنافع شجرة الصنوبر الحلبي أن لها فوائد جمة على الطبيعة، كما للإنسان، من ذلك أنها تعتبر سدا منيعا أمام تصحر الأراضي، وتقاوم بذلك مشكلة الانجراف، كما أن لها منافع طبية لا تحصى ولا تعد، وبالإضافة إلى كل ذلك، فإنها تستعمل أيضا في صنع العديد من أنواع الحلويات.
أما من جانب آخر فإنها تعتبر من أسهل الأشجار زراعة، من ذلك أنها لا تتطلب البتة أي مجهود من اجل نمو نبتتها بالغابة، كما أنها تعتبر أيضا من الأشجار التي لها طاقة كبيرة من بين بقية الأشجار الغابية الأخرى التي لها قدرة قوية تحتمل من خلالها الجفاف، الشيء الذي جعل نموها يتكاثر بالمناطق الرطبة، والشبه الرطبة، على غرار مناطق الشمال الغربي.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فان علوها يصل إلى أقصى تقدير إلى قرابة ال15 مترا، كما يمكن لها أيضا أن تعمر بالأرض على ما يناهز القرنين ونيف من الزمن.
وخلال هذه الفترة تقريبا من كل سنة هجرية، تتجه الأنظار ليس إلى شجرة الصنوبر الحلبي فحسب، بل إلى ما تنتجه من حبات «الزڤوڤو» من اجل إعداد ما لذ وطاب من «عصيدة».
جمع 100 كلغ من المخروطات... ل 4 كلغ من «الزقوقو»
انطلقت منذ الشهر الفارط بالمناطق الغابية بمختلف معتمديات ولاية سليانة، عملية جمع المخاريط، من قبل العديد من التجار، وذلك بعد إجراء بتة عمومية، ويتم لذلك تسويغ أحد المقاسم بأحد الجبال لمدة تناهز ال6 أشهر تقريبا، تنطلق حسب قانون إدارة الغابات منذ شهر ديسمبر الفارط، إلى غاية شهر ماي من السنة الحالية.
وخلال هذه الفترة الزمنية يقوم المتسوغ لهذا المقسم الغابي بجمع أكثر ما يمكن من المخاريط من شجرة الصنوبر للحصول على بعض الكيلوغرامات من «الزڤوڤو»، إذ تقدر 100 كلغ من المخاريط المجمعة بما يعادل تقريبا حسب حديث احد المتسوغين، ما يناهز في أقصى الحالات ال4 كلغ من حبات «الزڤوڤو».
وفي جانب آخر، يقوم بعد ذلك بوضعها في فرن، لمدة زمنية تتراوح بين 3 و4 ساعات على أقصى تقدير، يتسنى من خلالها «تفرقع» المخاريط مما يسهل عملية إخراج البذرة. ومثل هذه العملية تتطلب لياقة بدنية كبيرة، ومجهود جبار، خاصة عند القيام بعملية تسلق الشجرة التي يناهز علوها بين ال10 وال15 مترا، هذا بالإضافة إلى برودة الطقس والتي تكون في العديد من الأحيان عائقا كبيرا أمام تجميع الكمية المطلوبة.
تراجع إنتاج «الزقوقو»... بسبب الحرائق
تعرضت خلال الصائفة الفارطة العديد من الغابات بمختلف معتمديات الولاية، وخاصة منها غابات منطقة الكري بالي عديد الحرائق مخلفة لذلك خسائر مادية كبيرة بالآلاف من الهكتارات الغابية، وخاصة على مستوى أشجار الصنوبر، مما اثر سلبا على كمية الإنتاج لمادة «الزڤوڤو»، والتي كانت سببا مباشرا في ارتفاع سعره خلال هذه الفترة التي تستعد فيه العديد من العائلات التونسية للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، اذ تراوح سعره بمدن ولاية سليانة بين ال 14 و15 دينارا للكلغ الواحد.