«براكاج» كلمة اقترنت بكل ما هو اعتداء، خطف، سلب وعنف، وقد انتشرت هذه الظاهرة كثيرا بعد الثورة في ظل الانفلات الأمني، ورغم ما تثيره لدى المواطن من رهبة واستياء ونبذ فإن إذاعة «جوهرة أف أم» حرصت على استغلال هذا المصطلح كعنوان لأحد برامجها الجديدة. البرنامج يقوم على استنساخ شكلي لعملية «البراكاج» والتي عادة ما يتعرض إليها المواطن في الشارع، حيث تنتقل منشطته وهي ريم رواية صحبة فريق البرنامج على متن سيارة وبعد عملية استقصاء يتعرفون من خلالها على مكان إحدى الشخصيات المعروفة رياضية كانت أو فنية أو سياسية يلاحقونها إلى أن تتوقف ثم تقع بعد ذلك محاورتها.
وإن كانت نية الطرافة هي الدافعة لبعث هذا البرنامج - ولا نشك في ذلك - فإن الترويج لها والإشهار وجعلها محل طرافة وتندّر يُقلّص عنها في أذهان البعض الآخر شكلا على الأقل صفة العنف وما تثيره من نبذ واستنكار من جهة أخرى إضافة إلى أن عملية الملاحقة لا تخلو من خطورة.
حيث شكلت الحلقة الخاصة بوالي سوسة السيد مخلص الجمل تلاحقا وتسابقا بين السيارتين بما أن البرنامج يبث بصفة مباشرة فإن الوالي كان يستمع إلى «المنشطة» وهي بصدد التصريح بالشخصية «المستهدفة» بالحوار وإلى محاولة ملاحقته فما كان منه إلا الزيادة في سرعة سيارته بشكل لافت لتجنب التحاور مع منشطة البرنامج والالتحاق بشأن يخصه ولم تستطع سيارة البرنامج اللحاق به إلا بصعوبة في ظل سرعة وصفتها منشطة البرنامج بالجنونية.
مضمون مطابق للعنوان
كما ان الاسئلة احيانا تكون محرجة جدا لانها تمس جانبا من الحياة الشخصية للمستجوب فمثلا في الحلقة الخاصة بالفنانة يسرى محنوش فعوض أن ترتكز أسئلة «المنشطة» على الجانب الفني بعد تجربتها الناجحة في برنامج «ذي فويس» اختارت أن تسألها على النظام الغذائي الذي جعلها نحيفة بتلك الصورة وغيرها من الأسئلة والفقرات المتواضعة مع مختلف بقية الضيوف.
فبرنامج مثل «براكاج» لايتماشى وحرص الإذاعة على احتلال مكانة متقدمة في المشهد الإعلامي التونسي ككل، ولكن رغم ذلك فهذا المستوى المتواضع من البرمجة الإذاعية لا يغطي بأي حال من الأحوال حرفية برامج أخرى محترمة بهذه الإذاعة حظيت بنسبة استماع محترمة مثل برنامج «ديالوغ» للإعلامية المتميزة ليلى بن عطية الله والذي يناقش بعمق عدة مشاكل وقضايا لها صلة مباشرة بالمواطن وتقرب الصلة بينه وبين مختلف المسؤولين، وبرنامج «دندنة» الذي يقدمه الأستاذ سفيان لخشين ويسعى إلى تقريب الفن الأصيل إلى الجماهير بما يبثه من أغان راقية.
وإضافة إلى ذلك نجد البرامج الرياضية ذات الحرفية العالية بإمضاء جمال القاسمي والتنويع التنشيطي الذي يحرص على تفعيله أنيس بالحاج صالح ونرجس المخينيني، إضافة إلى الأداء المتميز للوجوه الإعلامية في الفقرات الإخبارية وقد شكلت كل هذه البرامج نقاطا مضيئة في هذه الإذاعة ومن هذا المنطلق تقتضي الأمانة الإعلامية دعم وتشجيع كل ما يساعد على إشعاعها والوقوف بالنقد لكل ما يمكن أن يحجب عنها بريقها ويساهم في الحطّ من مستوى المشهد السمعي لأن النجاح استحقاق ولا يتم بطريقة «البراكاج».