ان الكلام فن والصمت فن والسؤال فن... والجواب فن... والاستجواب فن وايضا الحوار فن وأقصد بكلمة فن أنه من الآداب ان لا يتكلم الانسان الا ان اقتضى الامر ذلك. وان يصمت اذا استوجب المقام الصمت، وان لا يسأل غيره الا اذا كان السؤال ضروريا ليكون الجواب مقنعا... هذا ما يجهله او يتجاهله بعض رجال التلفزات والاذاعات الوطنية والخاصّة من اذاعيين ومقدمين ومنشطين وخاصة منهم أولئك الذين كثفوا طيلة هذه الايام والليالي من استضافاتهم للوزراء في الحكومة الجديدة المؤقتة وكذلك لبعض المسؤولين في قطاعات مختلفة دون ان ينسوا الاعلاميين في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية. وطبيعي جدا ان تكثر الحوارات ونحن نعيش هذا الحدث المهم الذي هز العالم وأدهشه والمتمثل في الثورة المجيدة... ثورة الكرامة للشعب التونسي وذلك لإنارة الرأي العام من مستمعي الاذاعة ومشاهدي التلفزة وتزويده بآخر المستجدات والاحداث. واني اعرف جيدا وأقول مسبقا لهؤلاء انهم مرتبطون بوقت معين وببرنامج محدد، وبفقرات مختلفة تحتوي على سؤال الضيف في »البلاتو« والاستماع لجوابه، وتلقي المكالمات الهاتفية... وبث التحقيقات الخ... لكن هل كل هذا يسمح لمنشط البرنامج ان يقاطع ضيفه او ضيوفه عشرات المرات في حصة واحدة مدتها نصف ساعة او الساعة؟ ينتقل الوزير من بيته او من مقر وزارته الى مقر التلفزة ليوضح امورا كثيرة تتعلق بوزارته او بالوضع العام للبلاد في هذه المرحلة الحساسة، واذا به لا يذكر جزءا قليلا مما جاء من أجله بسبب عدم حرفية المستجوب (بكسر الوار) وعدم احترامه له، ويعاني المشاهد الامرين ويتصل ويعيد الاتصال، فيبتهج لاستجابته ليعبر عن رأيه او يتحدث عن مشكل خاص به و بأحد افراد عائلته او ليعبر عن فرحته بقيام الثورة، فيقال له شكرا على المداخلة وهو بصدد مواصلة مداخلته... وها هي منشطة جديدة سررنا لظهورها على شاشة التلفزة يعتذر لها وزير الشباب والرياضة ذو الاخلاق العالية بعد ان ملّ من مقاطعتها له اكثر من مرة ويقول لها: »سامحني« وأكيد انها لم تسمعه لأنها كانت متخمرة، فلم تخجل من تصرفاتها ومن عدم احترامها وحرفيتها. وها هو منذر الجبنياني يبالغ في الثرثرة عند استضافته لنفس الوزير ليتحدث اكثر منه بكثير. يا جبنياني... يا زراع... يا منشطي ومنشطات الاذاعات والفضائيات التلفزية قليلا من الاحترام لضيوفكم، فالظرف يقتضي التوضيح، والاقناع والصبر وان لزم الأمر عدم التقيّد بالوقت حتى تحصل الفائدة من هذه البرامج. فالتلفزة ليست مقهى يا سادتي إن كنتم لا تعلمون!