استقالته اكدت ان وزنه السياسي لا يرتبط فقط بعلاقته التاريخية برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وانما بقدرته في الاشهر الماضية على اكتساب موقع متقدم في معادلات الحكم وتجاذبات السياسة. ورسالته التوضيحية التي تم تداولها بكثافة، اعتبرت اول واهم موقف نقدي لحكومة الجبالي يصدر عن قيادي نهضوي بارز، كاشفة كثيرا من المسكوت عنه في علاقة النهضة بشركائها في الحكم، وبالاجواء الساخنة داخل الحركة في علاقة بالتحوير الوزاري، الذي كان اول خبر يسرب عنه منذ أسابيع هو إعفاء زيتون من مهامه وعودته للعاصمة البريطانية لندن للاهتمام بمشاريعه الاعلامية وهو ما اعتبره المعني «مجرد أمنية لمن ينزعج من وجوده في تونس».
لطفي زيتون دفع في الأشهر الماضية فاتورة باهضة لدفاعه المستميت عن الحكومة وتوجهات النهضة ، ويدفع الان حسب عديد الملاحظين فاتورة قربه الشديد من راشد الغنوشي رئيس النهضة وملازمته له في المهجر « دون انقطاع».
و يبدو انه باستقالته المدوية اختار لعبته المفضلة وهي الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع ، وهو خيار ناجح الى حد الان ، لان الجدل لم يعد حول شخص زيتون والمزايدات حول بقائه في الفريق الحكومي او رحيله وعلاقته برئيس الحكومة بل حول دوافع الاستقالة التي جعلته في عيون كثير من النهضويين «رمزا» لانتفاضتهم على ابتزاز شركائهم في الحكم، في الوقت الذي ينشغل فيه «آخرون» اما بتقديم التنازلات لإنقاذ الترويكا من الانهيار أو بالاستعداد لتقاسم غنائم التحوير حتى قبل الإعلان عنه.
والواضح ان لطفي زيتون أعاد بذلك توزيع الأوراق من داخل النهضة، وخلق جبهة جديدة للتجاذب محورها تصحيح مسار النهضة في الحكم، وانقاذ شعبيتها الاخذة في التراجع بعيدا عن ثنائيتي الصقور والحمائم ووزراء السجن ووزراء المنفى.