البعض كان يقلّل من قيمة مخاوف التونسيين ومن الدراسات التي تنقل هواجسهم.. في حين اعتبر آخرون أن تحاليل دكاترة علم الاجتماع وعلم النفس وحتى المنجّمين ما هي إلا ضمن حرب الأعصاب.. لكن اغتيال شكري بلعيد أعلن أنه حصل ما كان يُخشى !! كان الدكتور حبيب تريعة الدكتور في علم النفس وعلم الاجتماع قد حذّر منذ أيام على صفحات «الشروق» من تطور درجات العنف في تونس ومن استعمال «السلاح» الذي أصبح سهل الدخول الى تونس.
وأشار الدكتور الى وجود ظواهر ومؤشرات خطيرة منها ارتفاع نسبة الانتحار والاعتداءات على الأضرحة وارتفاع نسبة الجريمة وارتفاع نسبة الأمراض النفسية. وقال إن التونسي ليس «خوّاف» وأن خوفه مبرّر، ليؤكد اغتيال شكري بلعيد مخاوف التونسي ويبرّرها.
قتل الربيع
اعتبر الدكتور حبيب تريعة أن التونسي ليس «خوّاف» لكنه يختزن غضبه وخوفه وعندما يشعر بأنه لم يعد ينفع توجيه العنف للأنا من خلال الانتحار والحرق يتمّ توجيه العنف الى الآخر.
في المقابل قال إن ما حصل في هذه الفترة بالذات لن يستفيد منه أي طرف سياسي.. ولن يستفيد أي تونسي من موت شكري بلعيد، بل إن الهدف من الاغتيال هو ادخال البلاد في «بلبلة» وموجة من التضاربات. وان أيادي وأطرافا خارجية هدفها إدخال التونسي في متاهة من الخوف وتونس في دوّامة من العنف هي المستفيدة من اجهاض وقتل تجربة الربيع العربي.
وأضاف بأن العنف في تونس مرشح الآن للتصاعد فقد وصلنا الى مرحلة اللاعودة.. وأن هناك أسماء أخرى مرشحة للاغتيال منها الباجي القائد السبسي.
دراسات ومنجّمون
«كذب المنجمون ولو صدفوا»تحت هذا الشعار استعادت الأذهان ما تداولته بعض تكهنات المنجمين لسنة 2013 على الفضائيات والتي تنبّأت بوقوع اغتيالات وثورة ثانية في تونس وغليان متصاعد في الشارع التونسي من جهة أخرى أشارت دراسات الى تصاعد مخاوف التونسيين لا سيما مع وجود السلاح وتصاعد العنف في الملاعب وارتفاع نسبة الانتحار لتصل الى 21 انفجارا شهريا كما أشار علماء الاجتماع الى ارتفاع نسبة التعصب للرأي.. وغياب فن «الحوار» وقبول الرأي الآخر. واعتبر المحللون الاعتداءات على مقامات أولياء الصالحين ومقدسات اليهود والنصارى مؤشرات خطيرة على تصاعد وتيرة العنف وأنها يمكن أن تصل الى التصفيات.
المذابح الكبرى
كانت السيدة يمينة ثابت رئيسة جمعية الأقليات قد حذرت في حديث مع «الشروق» من تصاعد وتيرة العنف الموجه للأقليات واعتبرت أن الاعتداء على مقامات الصالحين ومقدسات اليهود والنصاري.. والاعتداء الذي حصل على مقر الجمعية والاعتداء على المقابر هي علامات خطيرة تنبئ على تصاعد العنف والاقصاء.
وحذرت رئيسة جمعية الاقليات من تصاعد أعمال العنف ووصولها درجة القتل واقصاء الآخر والمختلف معتبرة أن المذابح الكبرى انطلقت بعد تصاعد العنف ولم تولد فجأة. من جهة أخرى تحدث السيد نبيل بلعم عن دراسة قام بها معهد «أمرود» عن تراجع درجة تفاؤل التونسي بالمستقبل ضمن 54 دولة يجري عليها الاحصاء، ليحتل التونسي المرتبة 49 من ضمن الدول ال54، وليتراجع مؤشر السعادة لديه من 47 الى 12.
وتعتبر السياسة والعنف الاجتماعي والسياسي من الأسباب التي جعلت التونسي حسب الدكتور حبيب تريعة يصاب بالتشاؤم والنظرة السوداوية، وهو ما حصل ليتحقق ما كان يخشاه من خلال انطلاق الاغتيالات السياسية واغتيال المرحوم شكري بلعيد. ويقترن هذا الشعور بالشعور بغياب الأمن ودولة القانون وضمان الحريات وتزايد الفوضى.
خطاب وجهاد
كانت نقابة الأمن بدورها قد حذرت من وجود جماعات مسلحة تتدرب وقد قام ممثل الاعلام بوزارة الداخلية ووزير الداخلية بنفي هذه التصريحات.. واتهم النقابيين الذين أعلنوا عن ذلك ب«التسيس» وخدمة أجندات أجنبية. من جهة أخرى، سرت موجة من التحذيرات من المحللين وغيرهم على اثر تصريحات ودعوة بعض الأئمة والوعاظ ودعوتهم حتى الى القتل وكان فيديو في ال«فايس بوك» صفحة التواصل الاجتماعي قد تداول فيديو يقوم فيه بعض الأئمة بالتحريض على العنف وخاصة ضد نجيب الشابي والمرحوم شكري بلعيد.