أغلقت الإدارات العمومية، وأغلب المحلات التجارية أبوابها أمس الجمعة بالمهدية تنفيذا لقرار الإضراب العام، كما خرجت مسيرة حاشدة تخللتها جنازة رمزية للشهيد، وانتهت بمواجهات عنيفة مع قوات الأمن. وشهدت مدينة المهدية كامل يوم أمس الجمعة شللا شبه تام بعد أن أغلقت جميع المؤسسات العمومية، وأغلب المحلات التجارية أبوابها، باستثناء المخابز، والصيدليات، والمؤسسات الاستشفائية تنفيذا لقرار الإضراب العام السلمي الذي دعت له الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسية للشغل أول أمس على خلفية اغتيال شكري بلعيد الأمين العام لحزب الديمقراطيين الموحد، وقد سجلنا انتشارا لمختلف الوحدات الأمنية في مواقع متعددة من المدينة، في حين تكفلت عناصر الجيش الوطني بحماية أهم المؤسسات العمومية كمقر الولاية، وقصر العدالة، وقصر المالية، إلا أن ذلك لم يمنع بعض المشاركين في المسيرة إلى التوجه إلى مقر المكتب الجهوي لحركة النهضة، واقتحامه، وإخراج جميع محتوياته وإضرام النار فيها بالكامل قبل أن تتدخل قوات الأمن الوطني التي حاولت تفريق جموع المحتجين باستعمال الهروات، والقنابل المسيلة للدموع، لتندلع مواجهات عنيفة امتدّت طيلة ساعات بين كرّ وفرّ في مختلف شوارع المدينة، وخاصة شارع علي البلهوان حيث يقع مقر المكتب الجهوي لحركة النهضة رشق خلالها المتظاهرون سيارات وحدات التدخل بالحجارة، وأغلقوا الطرقات بواسطة حواجز حديدية.
تجمّع حاشد
وقد تجمع صباح أمس بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية المئات من المواطنين، وممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني توجه خلالها عبد الله العشي الكاتب العام الجهوي للاتحاد بكلمة ادان فيها جريمة اغتيال المناضل شكري بلعيد، معتبرا اياها اغتيالا لتونس، ومحاولة خسيسة لترهيب كل نفس معارض.
وشدّد على أن الشعب التونسي لن يتراجع على المضي في الدرب الذي خطّه حشاد وبلعيد وغيرهم من المناضلين الشهداء الأبرار، محيّيا مواطني المهدية على تلبيتهم لقرار الإضراب العام، حاثا إياهم على مواصلة النضال من أجل تحقيق أهداف الثورة، وتطلعات الشعب إلى الحرية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، كما دعا السيد العشي الحاضرين الى التحلّي بالهدوء، والخروج في مسيرة سلمية في كنف السلوك الحضاري، وبعيدا عن الاستفزازات، وكل مظاهر العنف. هذا وقد اصدر المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية بيانا أبرز فيه التطورات الخطيرة التي شهدتها البلاد، وتصاعد وتيرة العنف إلى حد الوصول إلى الاغتيال السياسي، والتصفية الجسدية من قبل أطراف معادية للحرية والديمقراطية، معتبرا أن حادثة اغتيال بلعيد تمثل إحدى حلقات التآمر على شعب تونس وقواه المناضلة والديمقراطية والتي تهدف إلى الحياد بالشعب عن استحقاقات الثورة وشعاراتها المركزية في تحقيق الشغل والحرية والكرامة والوطنية، والزّج به في أتون الصراعات الجانبية والمذهبية والطائفية، ومذكرا بان حالات العنف المتكررة في البلاد استهدفت الرموز السياسية المناضلة، وقوى المجتمع المدني ومنها اتحاد الشغل العتيد.
كما وجّه البيان أصابع الاتهام للميلشيات المشبوهة تحت مسميات متنوعة لهل أبرزها روابط حماية الثورة التي تمتعت بحماية أطراف في السلطة برّرت أفعالها، وتعمدت التراخي في التعامل معها، مؤكدا على حق الشعب التونسي بجميع مكوناته في الأمن والحياة الكريمة، ومحملا الحكومة المؤقتة المسؤولية الكاملة في الكشف عن الجناة، وتقديمهم للمحاكمة.
جنازة رمزية
وفي حدود الساعة الحادية عشرة صباحا انطلقت مسيرة سلمية حاشدة ضمت مختلف القوى الديمقراطية، ومنظمات المجتمع المدني رافعة شعارات تندد باغتيال القيادي شكري بلعيد على غرار «يا حشاد يا بلعيد على دربك لن نحيد»، «لا تهتم يا شهيد كلنا شكري بلعيد»، و«أوفياء أوفياء لدماء الشهداء»، و«وحدة وحدة وطنية لا استعمار ولا رجعية»، و«تلامذة وطلبة وعمال صف واحد في النضال»، و«يسقط حزب الإخوان، يسقط جلاد الشعب»، لتجوب عددا من شوارع المدينة، وتتوقف أمام مقر الولاية، وأمام مقر التنسيقية الجهوية للجبهة الشعبية، كما تخللتها جنازة رمزية للشهيد شكري بلعيد، حيث تم حمل نعش لُفّ في كفن أبيض، وموشّى بعلم البلاد المفدى وبصور الفقيد على متن سيارة رافقت المسيرة.
وفي نفس السياق نظمت جبهة الشعبية مساء أول أمس الخميس مسيرة شموع تحية لروح الشهيد شكري بلعيد بفضاء «السقيفة الكحلة» حضرها عدد من ممثلي الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني.
وفي مدينة قصور الساف شهدت كلّ المؤسسات العمومية والإدارات شللا كليّا وتوقّف فيها سير العمل الطبيعي استجابة لقرار الاضراب العام، في حين لم تستجب المؤسّسات الصناعية القليلة والخاصّة والمحلات التجارية لهذه الدعوة باعتبار أنّ يوم الجمعة هو يوم السوق الأسبوعية في المدينة والذي شهد بالمناسبة حركة تجارية كبيرة ساهم فيها التلاميذ والطلبة باعتبار توقّف الدروس والدخول في عطلة. كما نظمت التنسيقية المحلية للجبهة الشعبية بمدينة قصور الساف مساء يوم الخميس مسيرة جابت شوارع المدينة بمشاركة عدد من الأحزاب التقدمية، وممثلين عن المكتب الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل وعدد من مكونات المجتمع المدني، ندّد خلالها المتظاهرون بحادثة اغتيال المناضل الحقوقي والقيادي في الجبهة الشعبية شكري بلعيد، ورفعوا خلالها شعارات مناهضة للحكومة، وداعية إلى كشف ملابسات حادثة اغتيال بلعيد ومحاسبة المجرمين الذين يقفون وراءها.