كان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة حاضرا بالغياب في جنازة الشهيد شكري بلعيد امين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الذي تمت تصفيته صباح الاربعاء الماضي أمام منزله. اسم راشد الغنوشي تردد أكثر من مرة في شعارات مشيعي بلعيد بسخط واضح. وهم الذين يحمّلون رئيس الحركة المسؤولية السياسية لاغتيال بلعيد ويرون في الغنوشي المتهم الابرز في التحريض على العلمانيين الذين يمثلون منافسا شرسا للاسلاميين في تونس.
بعيدا عن الجنازة تردّد اسم راشد الغنوشي أكثر من مرة في المواقع الاجتماعية الافتراضية وتناقلت وسائل الاعلام الالكترونية خبرا نقلا عن راديو إيراني ناطق بالفرنسية أن زعيم الحركة غادر منذ الخميس الى لندن منفاه القديم، وكان على الرجل الظهور عشيّة جنازة بلعيد لتكذيب شائعات مغادرته لتونس ، فأدى صلاة الجمعة بأحد مساجد ضواحي العاصمة ( العمران) وألقى كلمة في أنصار حركته امام مقر مونبليزير ويظهر امس السبت في ندوة لمركز الاسلام والديمقراطية حول ظاهرة العنف.
اسم راشد الغنوشي تردد يوم جنازة بلعيد قبالة مبنى التأسيسي وهذه المرة من أنصار حركته وهم يهتفون باسمه وباسم الحزب وباسم الشرعيّة. وبالعودة الى مجمل هذه الاحداث التي عاشتها البلاد في يوم جمعة مختلف ووُرِيَ فيه جثمان سياسي مغدور التراب نلاحظ بروز اسم راشد الغنوشي في كل اتجاه فكان الحاضر الغائب طيلة يوم جنازة الشهيد.
ويقول مراقبون إنّ صورة الرجل اهتزت بعنف ما بعد مقتل بلعيد ، لماذا ساءت صورة الغنوشي؟ الإجابة عن هذا السؤال بسيطة بحسب ما يراه المتابعون لتحركات الرجل. يقول هؤلاء إنّ رئيس الحركة الذي استقبله أنصاره في مطار تونسقرطاج الدولي بُعيدَ 14 جانفي 2011 بنشيد طلع البدر علينا لم يبد موقفا حازما وواضحا من تنامي ظاهرة السلفية الجهادية في تونس ولم يبد موقفا واضحا وصريحا من ظاهرة التكفير التي طالت خصومه السياسيين كما طالت نقابيين وفنانين وصحافيين وغيرهم.
تسامح مع المتشددين
راشد الغنوشي بدا متسامحا مع المتشددين إلى حد وصفهم بأنهم يشبهونه بحسب ما يراه المتابعون لتصريحاته من ذلك قوله قبل الاعتداء على السفارة الامريكية بتاريخ 14 سبتمبر 2012 «السلفيون يذكرونني بشبابي فلا خوف منهم.. إنهم يبشرون بثقافة ولا يهدّدون الأمن العام».
ثمّ يتغيّر موقف راشد الغنوشي من هؤلاء ما بعد الاعتداء على السفارة الامريكية ليصرّح لموقع «بي بي سي› الناطق بالعربية بأن السلفيين المتشددين خطر على البلاد وأن «هؤلاء الأفراد يشكلون خطرا ليس فقط على النهضة وإنما على الحريات العامة في البلاد وعلى أمنها، لذلك نواجه جميعنا هذه المجموعات لكن بطرق تحترم القانون». هذا الموقف المتغيّر لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي جعل الانتقادات تلاحقه بالتسامح مع السلفيين بشكل يلامس التواطؤ. ويحمّل منتقدو الغنوشي الرجل مسؤوليّة تنامي ظاهرة المتشددين والتكفيريين إذ بلغ حدّ التسامح معهم الى التطاول على قيادات في حركة النهضة نفسها من ذلك الاعتداء على القيادي عبد الفتاح مورو في أكثر من مرة.