توجّه رئيس الحكومة حمادي الجبالي يوم أول أمس برسالة الى الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني تحدث فيها عن الظروف الأمنية والسياسية الحرجة التي تمر بها البلاد، وكذلك عن المشاورات والمفاوضات المتعلقة بالتحوير الوزاري. وفي ما يلي نص الرسالة : بسم الله الرحمان الرحيم تونس في 9 فيفري 2013 تحية طيبة وبعد، لا يخفاكم، سيدي، ما تمر به البلاد من ظروف سياسية وأمنية حرجة تقتضي تضافر جهود كل التونسيين الغيورين على بلدهم وعلى أمنه الداخلي والخارجي من اجل تجنيبه مزالق المجهول ودوامة العنف والفوضى. وعندما بدأت مشاوراتي في ما يتعلق بالتحوير الوزاري وضعت له جملة من الأهداف أجملتها في: الانفتاح على كل القوى السياسية من أجل توسيع قاعدة الحكم من داخل المجلس التأسيسي ومن خارجه ومن أجل توسيع دائرة التوافق والمشاركة لإعطاء نفس ثان للمرحلة الانتقالية من أجل انعاشها وتنشيطها لبلوغ شاطئ الأمان في أسرع الأوقات وأحسن الظروف وإحداث التوازن المطلوب بين بعدي السياسة والكفاءة في الحكومة. وأكدت في الوثيقة السياسية المعروضة على مختلف الأطراف الوطنية سواء تلك التي قبلت بدخول الحكومة أو تلك التي وافقت على الانخراط في حوار وطني حول قضايا المرحلة وأهدافها على جملة من المبادئ من بينها: ضمان مدنية الدولة وضمان الحريات في تصالح مع هوية البلاد وخصوصيتها أن تكون الدولة الحامي الوحيد لكافة الحريات ولكافة التونسيين والتونسيات وذلك لقطع الطريق والحجج على تشكيل ميليشيات أو تنظيمات تجنح للعنف في الخطاب والممارسة والتزام الجميع بادانة العنف بكل أشكاله سواء كانت خلفياته ايديولوجية أو سياسية ورفض كل صراع واستقطاب ايديولوجي مضر بوحدة مجتمعنا وتجانسه واجتماعه على هويته العربية الاسلامية ونمطه المجتمعي المعتدل والمنفتح وحياد الادارة ونأي الجهاز التنفيذي للدولة عن التجاذبات الانتخابية. وأكدت في الوثيقة السياسية ودليل الطريق على أن الحكومة المقبلة ينبغي أن تركز على أولويات كبرى منها: تحقيق أمن المواطن والمجتمع وإنجاز أكبر قدر من التنمية واحداث مواطن الشغل والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن ومقاومة الفساد بما يخدم أهداف الثورة وكتابة دستور لكل التونسيين وانجاز انتخابات حرة وشفافة في أقرب وقت. وأنجزت بعد ذلك مشاورات مع عديد الأطراف الوطنية المدنية والحزبية حول خارطة الطريق وحول تركيبة الحكومة وحذرت من طول المشاورات وخطورة المراوحة حول التشكيل الحكومي من طرف الأحزاب المشكلة للائتلاف الحالي أو المستعدة لدخوله.. وأكدت على الأحزاب عدم تحمل البلاد لما يشبه التوقف السياسي. وقاربت تلك المفاوضات على الانتهاء على قاعدة وثيقة سياسية عممتها على الاعلام والنواب والأحزاب والهيئات وعلى قاعدة ادماج كتل وأحزاب ووجوه وطنية وكفاءات جديدة. ولكن جاء الحدث معلنا ومبينا حجم التآمر على الثورة والوطن، وأن من التونسيين قاصدا أو مخترقا من لا يتردد في قتل تونسي آخر اجهاضا لمسار الكرامة ووأدا لأهداف الثورة ومطالبها. وجاء الحدث معلنا فشلنا جميعا سلطة ومعارضة في حماية الثورة من أعدائها وفي حماية البلاد من خطر الاستقطاب، وجاء الحدث ثمرة سيئة ومرة لأشهر طويلة من التجاذبات والشحن والسباب والشتائم. وجاء مؤذنا أن أعداء الثورة خطوا خطوة متقدمة في التآمر على البلاد من اجل اقحامها في أتون المجهول والحرب الأهلية والتقاتل بين التونسيين وهو حال غير بعيد عنا، اذ عاشته بلدان غيرنا قريبة في الجوار أو قريبة في الهوية وتراجعت تلك البلاد سنوات الى الوراء ولم تنهض الى يومنا هذا من حروبها السابقة. واني من موقع المسؤولية أهيب بكل التونسيين وبكل العقلاء في كل العائلات السياسية والفكرية أن تتآزر جهودهم من أجل تجنيب البلاد متاهات العنف والتقاتل، ومن جهتي سأعمل وأسعى الى حفظ أمن التونسيين وحفظ حرماتهم وعلى تعقب المجرمين الذين اغتالوا ثورة شعب بأسره وطموحه وتوقه الى بناء دولته دولة الحرية والديمقراطية والكرامة. وعلى كشف من يقف وراءهم وعن نواياهم المغرضة والمتآمرة تجاه شعب بأسره وتجاه أمنه. ونؤكد جازم التأكيد أننا لن نسمح بالفوضى والانفلات كلفنا ذلك ما كلفنا. وأهيب بالاعلام ونسائه ورجاله الانتباه الى ضرورة القطع مع خطاب التجييش والتحريض وأن يساهموا من موقعهم الحساس في هذه المرحلة في جهد التهدئة والتطمين وأهيب بكل التونسيين أن لا ينساقوا وراء هذه المؤامرات على بلدهم وأن يحتذوا الهدوء وألا ينخرطوا في دوامة الفعل ورد الفعل وأطلب من نوابنا في المجلس الوطني التأسيسي أن ينتبهوا الى ضرورة الحفاظ على مؤسستهم وعلى الشرعية من خلالها وألا يتساهلوا في الانخراط في أجواء الاستقطاب والتجاذبات فمؤسستهم هي الضامن لعدم انخرام العقد الذي يجمع بين التونسيين وعلى الانكسار الكامل لمسار الانتقال وأن يبقوا بمثابة الضامن والمتعهد لمرجعية المسار التأسيسي برمته. وأمام هذا الحدث وخطورته ومساهمة في تجنيب البلاد مزيد الانزلاق في متاهات المجهول أعلنت الشروع في مشاورات سريعة من أجل تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة مفتوحة لكل الأطراف الوطنية دون استثناء على قاعدة الكفاءة والوفاء لمبادئ الثورة من أجل ادارة البلاد والتوجه في أسرع الأوقات الى الانتخابات المقبلة في ظل التزام الجميع بتجنب التجاذبات وتجنيب البلاد مخاطر العنف والفوضى.وضمن هذا الاطار وحرصا على مصلحة الوطن وعلى تشريك الجميع في هذا الجهد، نطلب اليكم التفضل بنصائحكم ومقترحاتكم سواء كان ذلك في الأهداف والسياسات أو الشخصيات والكفاءات التي يمكن أن تنضم الى الحكومة المزمع تشكيلها. ونطلب اليكم مدنا بردودكم في أجل أقصاه يوم الاثنين 11 فيفري صباحا. دمتم في خدمة شعبكم وقضاياه دمتم في حفظ الله ورعايته حمادي الجبالي (رئيس الحكومة)