أثارت حكومة التكنوقراط التي أعلن عنها حمادي الجبالي مؤخرا جدلا واسعا في مختلف الأوساط بما في ذلك النقابيين الذين تفاعلوا معها باعتبارهم شريكا فاعلا في المشهد العام الذي تعيش على وقعه البلاد. إعلان الأمين العام لحركة النهضة عن تشكيل حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة من شأنها اخراج البلاد من الأزمة السياسية الراهنة بعيدا عن المحاصصة الحزبية اعتبرها البعض مجرد تمويه ومحاولة منه لامتصاص غضب الشارع الذي فجّره اغتيال الشهيد شكري بلعيد فيما اعتبرها شق آخر مقترحا ايجابيا للخروج من الاحتقان السياسي الذي تعيشه البلاد رغم النقائص المتعددة في هذا المقترح وهو موقف جلّ النقابيين الذين تحاورت معهم «الشروق» لرصد مدى «تصديقهم» لمبادرة رئيس الحكومة في تشكيل حكومة تكنوقراط حيث أكد الشاذلي البعزاوي الكاتب العام للجامعة العامة للتخطيط والمالية ان مبادرة الجبالي وبغض النظر عن النوايا هي المخرج الوحيد لما تعيشه البلاد من مأزق حقيقي في شتى المجالات ولامتصاص غضب الشارع التونسي خاصة بعد اغتيال المعارض الشهيد شكري بلعيد يوم 6 فيفري الجاري وأضاف أنه يأمل ان يكون حمادي الجبالي صادقا وأن يواصل تفعيل مبادرته خاصة أنها لقيت تأييدا واسعا من عديد الأطراف بالرغم من نقائصها العديدة المتمثلة في انعدام خارطة طريق تضبط مواعيد محددة لإجراء الانتخابات والانتهاء من كتابة الدستور وغيرها من انتظارات المجتمع. وقال البعزاوي ان هذا الغموض هو الذي زاد من حدة الاحتقان وأن الشرعية محددة بآجال.
اجراءات عملية
من جانبه أوضح نجيب السلامي كاتب عام مساعد النقابة العامة للتعليم الثانوي ان رئيس الحكومة إن كان فعلا جادا في انجاح مبادرته في تشكيل حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة فعليه ان يرفقها باجراءات عملية مثل التشاور مع كافة الاحزاب السياسية والمنظمات التونسية قبل السفراء الأجانب وتفعيل الهيئات المستقلة للاعلام والقضاء والانتخابات وإعطاء برنامج واضح بخصوص ملف الشهداء والجرحى علاوة على ضرورة دراسة الملف الاجتماعي.
تفاعل ايجابي
الموقف ذاته سجله محمد علي العمدوني الكاتب العام لنقابة أعوان العدلية الذي صرّح ان مقترح حكومة تكنوقراط تفاعل معها الاتحاد العام التونسي للشغل بايجابية رغم نقائصها ودعا رئيس الحكومة الى ضرورة توسيع الاستشارة في شأنها على كافة الاطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني قائلا: «إن اسقاطها بهذه الشاكلة هي التي ولّدت هذه المواقف ضدّها». وأشار العمدوني الى أن الوضع الحالي لا يحتمل المزيد من التجاذبات السياسية التي من شأنها ان تعمّق الأزمة التي لابدّ من تجاوزها بأخف الاضرار.
وقد سانده الرأي محمد علي البوغديري الكاتب العام للاتحاد الجهوي ببن عروس مؤكدا مساندته لمبادرة الجبالي مع ضرورة تفعيل مبادرة الحوار الوطني التي تقدّم بها الاتحاد العام التونسي للشغل لضمان مساهمة كل الأطراف الفاعلة سياسية كانت أو اجتماعية.
أما حبيب جرجير كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بتونس فقد أوضح ان الجبالي قد وفّق في تقديم مقترح هذه المبادرة لإخراج البلاد من عنق الزجاجة ولا يمكن الا مساندته مؤكدا ان نسبة نجاح هذه المبادرة ضئيلة بالنظر الى التشويش الحاصل ضدها من قبل رئيس حزب حركة النهضة الذي يقود مفاوضات موازية من أجل تشكيل حكومة سياسية وقال: «إذا كانت الغاية نبيلة وصادقة فأسباب فشل هذه المبادرة واضحة إما اذا كانت «مناورة» مثلما يذهب الى ذلك البعض فإنها ستعمّق الأزمة وحركة النهضة حينها ستكون قد جنت على نفسها».