أكد حمادي الجبالي في خطاب له أول أمس تمسكه بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن جميع الأحزاب لغاية إدارة الشأن العام بالبلاد الى حين اجراء انتخابات في اقرب وقت. في حين تمسكت احزاب المعارضة بضرورة تشريكها في المشاورات حول هذه الحكومة المرتقبة مما جعل الجبالي يتهمها بمحاولة وضع «العصا في العجلة». مبادرة رئيس الحكومة رآها البعض مبادرة ايجابية لانقاذ البلاد من ازمتها الخانقة لاسيما بعد اغتيال المناضل شكري بلعيد في حين رآها آخرون متأخرة جدا ولن تغير كثيرا في المشهد السياسي خاصة وان الجبالي يبقى الامين العام لحركة «النهضة» وبديهي ان يحتفظ ببعض الوجوه النهضوية كمستشارين له في حكومته الجديدة وفي المقابل يرى البعض الاخر ان شروط احزاب المعارضة تخفي اجندا تتجاوز تشكيل حكومة «تكنوقراط» وتسعى إلى اسقاط حكومة الجبالي نهائيا. «التونسية» تقصت آراء نخبة من السياسيين حول الموضوع. أحمد ابراهيم: «المعارضة لا تسعى الى تعجيز الحكومة» أحمد ابراهيم رئيس حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي» أفاد ان تونس تمر بأزمة خانقة ولابد من توحد جميع الجهود من حكومة ومعارضة لانقاذ البلاد من أزمتها الخانقة مضيفا انه لابد من نقاش معمق ومشاورات بين جميع الاطراف السياسية مشيرا الى ان حزبه من اول الاحزاب التي نادت بحكومة كفاءات وطنية غير متحزبة كحل وطني لانقاذ البلاد وعلى أساس برنامج توافقي شامل على حد تعبيره. وأوضح أحمد ابراهيم أن مبادرة حمادي الجبالي كان يمكن أن تكون ايجابية لو حملت في طياتها مشاورات وحوارات معمقة مع كل الاطراف مؤكدا أن المعارضة لا تسعى بهذه الشروط الى تعجيز الحكومة كما قال الجبالي بل كل همها مصلحة البلاد وانقاذها من المنزلقات الخطيرة التي تردت فيها معرجا في ذات الصدد على مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل معتبرا اياها مبادرة فعلية وموضوعية وبناءة لاجراء حوار وطني شامل يمكن من الخروج من عنق الزجاجة على حد تعبيره ولا يراعي سوى المصلحة الوطنية. محمد براهمي: «قفزة في المجهول» أما محمد براهمي رئيس «حركة الشعب» فقال من جهته انه بغض النظر عن نوايا حمادي الجبالي التي قد تكون حسنة عندما اكد تمسكه بتشكيل حكومة تكنوقراط فإنّ مطلب تكوين حكومة كفاءات وطنية دون انتماءات حزبية هي رغبة جميع احزاب المعارضة منذ ان اثبتت حكومة «الترويكا» فشلها الذريع في إدارة الشأن العام بالبلاد مضيفا ان اتهام الجبالي للمعارضة بتعجيز حكومته دليل على نزعة التفرد بالسلطة لدى حركة «النهضة» التي ترفض التشاور والحوار وابجديات ومعنى المشاركة في الحكم مؤكدا انه من الاجدى اجراء حوار وطني شامل مع المعارضة ومع الاتحاد العام التونسي للشغل بتفعيل مبادرته. وأشار رئيس «حركة الشعب» إلى أن مبادرة الجبالي دون تشريك جميع الاطراف لا تعدو ان تكون إلا تصديرا للازمة و تعميقا لها مشددا على ان حصر عملية تشكيل حكومة «التكنوقراط» المرتقبة بين الجبالي والمقربين منه هي قفزة الى المجهول وهروب إلى الامام وليست حلا لانقاذ البلاد مؤكدا أن ذهنية حمادي الجبالي هي نفس ذهنية حركة «النهضة» التي وصفها بالسيئة لانها دفعت بالبلاد الى اتون الهاوية ومنزلقات الحرب الاهلية على حد تعبيره. وأضاف براهمي ان حمادي الجبالي لن يوفّق في تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة ومحايدة لاسيما وان حركة النهضة رافضة للمقترح وكذلك بقية الائتلاف «الترويكي» ملاحظا ان حكومة الكفاءات الوطنية التي يتحدث عنها الجبالي لن تضيف جديدا بعيدا عن اجراء حوار وطني شامل وكامل حسب ما جاء على لسانه. محمد جمّور: «هل كان من الضروري اغتيال شكري بلعيد»؟ محمد جمور قيادي في «حزب الوطنيين الديمقراطيين» قال من جانبه ان حزبه طالب دائما بحكومة كفاءات وطنية متسائلا هل كان اغتيال الشهيد شكري بلعيد واهدار دمه ضروريا حتى يقتنع رئيس الحكومة بتشكيل هذه الحكومة مضيفا أن على حكومة «التكنوقراط »المرتقبة أن تطرح برنامجا وطنيا واضحا من الناحية السياسية والاجتماعية و الاقتصادية لان القضية ليست في تغيير الاسماء والاشخاص بل ارساء خريطة طريق واضحة المعالم ولا لبس فيها من تحديد موعد للانتخابات و الانتهاء من كتابة الدستور وغيرها على حد قوله. وأكد قيادي «حزب الوطنيين الديمقراطيين» أنه لا بد من التشاور والحوار مع جميع الاحزاب مشددا على انه لا يمكن بأي وجه من الوجوه اسناد الوزارات السيادية الثلاث الى اي حزب مشيرا الى ضرورة استقالة «حكومة الترويكا» واستقالة الجبالي نفسه مضيفا انه اذا بقي رئيس الحكومة في منصبه فعليه تاكيد تجاوز ارتباطه بحزبه للشعب التونسي وتغليب مصلحة الوطن على مصلحته الحزبية وفي هذه الحال يستطيع الجبالي اتخاذ الاجراءات التي يراها صالحة فيما يتعلق بمستشاريه والاستنجاد بكفاءات وطنية حسب تعبيره. وعن شروط المعارضة التي رآها رئيس الحكومة تعجيزية قال جمور ان احزاب المعارضة لا تطلب سوى حكومة توافقية تشاورية بتشريكها في حوار وطني شامل عند تشكيل حكومة كفاءات مستقلة وغير متحزبة لانقاذ البلاد وإخراجها من أزمتها دون أن ينسى الاشارة الى ضرورة تفعيل مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مراعاة للمصلحة العليا للبلاد. عثمان بلحاج عمر: «مبادرة متأخرة ودون المطلوب» عثمان بلحاج عمر رئيس «حركة البعث» قال ان دعوة حمادي الجبالي الى تشكيل حكومة كفاءات وطنية جاءت متأخرة جدا ودون المطلوب في شكلها ومضمونها لأن المقترح سبق وان نادت به جميع احزاب المعارضة مضيفا أن مبادرة رئيس الحكومة جاءت بعد ان خسرت تونس قامة فارعة من قامات المعارضة الوطنية وهرما كبيرا من اهرام النضال السياسي والحقوقي ملاحظا ان الجبالي «يتحايل» على مؤتمر الحوار الوطني فما الجدوى من تشكيل حكومة «تكنوقراط» يرأسها الامين العام لحركة «النهضة» وجماعته مؤكدا أن رفض «النهضة» المزعوم للحكومة «التكنوقراطية» المرتقبة مجرد مناورة سياسية لأن النهضويين أغلبية في المجلس التأسيسي وحتى في حال تشكل هذه الحكومة تبقى حكومة نهضوية على حد قوله. وأضاف بلحاج عمر إن كان الجبالي صادقا في مسعاه فعليه اجراء حوار وطني مع الجميع ملاحظا ان الوضع الدولي يخدم مصلحته لأن حركة «النهضة» وكذلك راشد الغنوشي لا يستطيعان الانقلاب على رئيس الحكومة او عزله مشددا انه لابد من مساعدة هذا الاخير داخليا حتى ينجح في مسعاه وينقذ البلاد على حد تعبيره مشيرا الى ان الشعب التونسي يأمل أن لا يكون الجبالي جزءا من المناورة «النهضوية» على حد تعبيره وختم قيادي حركة البعث بالاشارة الى ان شرعية المجلس التأسيسي تآكلت وانتهت لانه ينكب على كتابة دستور حركة «النهضة» لا دستور تونس اوشعبها حسب ما جاء على لسانه. المولدي الفاهم: «احياء مبادرة الاتحاد» من جانبه دعا المولدي الفاهم عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري الى ضرورة إحياء مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مضيفا انها مبادرة تتسع لجميع التونسيين وتخدم مصلحة الوطن والشعب دون ميز او انتماءات حزبية ضيقة مضيفا في نفس السياق ان حزبه يلتقي مع مقترح رئيس الحكومة لتشكيل حكومة «تكنوقراط» مستقلة لغاية اخراج البلاد من المأزق الحرج الذي تشهده على حدّ تعبيره. وطالب الفاهم أحزاب المعارضة بتجاوز المحنة التي تعيشها تونس والخروج من حالة انسداد الافق والحوار الشامل مع الحكومة ومساعدتها على ايجاد ارضية مناسبة لانجاح مسعى الجبالي كما طالب حركة «النهضة» وبقية الائتلاف الحاكم بمساعدة رئيس الحكومة وتغليب المصلحة الوطنية العليا على حد قوله. محمد الكيلاني: «لا للتفرد بالرأي ولابد من الحوار» وبدوره بيّن محمد الكيلاني رئيس الحزب الاشتراكي ان حمادي الجبالي لا يجب ان يقرر بمفرده أو يتفرد بتشكيل حكومة كفاءا ت وطنية مضيفا انه لابد من التفاوض والحوار مع جميع الاطراف السياسية المعارضة موضحا ان تشكيل حكومة مستقلة هو مطلب كل القوى الديمقراطية منذ اعلان نتائج انتخابات المجلس التأسيسي الفارطة لكن من رفض هذا المقترح هو حكومة «الترويكا» على حد قوله. وأكد الكيلاني ان من يضع «العصا في العجلة» هي حركة النهضة وحزب المؤتمر لا احزاب المعارضة ملاحظا ان مقترح الجبالي رغم انه جاء متاخرا جدا ودفعت تونس ثمنه غاليا باستشهاد شكري بلعيد الا انه يمكنه انقاذ البلاد اذا توفرت شروط الحوار الشامل بين جميع القوى السياسية وايضا اذا تم تدعيم هذا المقترح بتفعيل مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل على حد تعبيره مشددا في نفس الصدد انه لا فائدة من الهروب الى الامام لأن الشهيد شكري بلعيد ليس فردا فقط بل هو تونس بأكملها من الشمال الى الجنوب. وتونس اجابت بلعيد عندما انتفضت بالملايين تنديدا باغتياله وعزما على مواصلة الطريق على حد تعبيره. لزهر العكرمي: «خطوة جريئة» أما لزهر العكرمي الناطق الرسمي و القيادي بحركة «نداء تونس» فبين ان مبادرة الجبالي خطوة جريئة في حال وقع تنفيدها لانها ستضخ اكسيرا جديدا في المشهد السياسي المختنق حاليا على حد قوله مضيفا أن المطلوب في هذه الفترة هو دمقرطة المسار الديمقراطي لا تحزيبه مشيرا الى أن تكوين حكومة «تكنوقراط» محايدة ومستقلة هو مطلب كل القوى الديمقراطية في البلاد مشددا على ان المعارضة لا تسعى الى تعطيل أو تعجيز الحكومة بل من يعطل مسار الحوار هو حركة «النهضة» على حد قوله. سامي الطاهري: «مبادرة تحتاج إلى عدة تدابير» سامي الطاهري المكلف بالاعلام بالاتحاد العام التونسي للشغل أوضح من جهته أن مبادرة الجبالي قد تمكن من الخروج من مأزق التجاذبات السياسية وتجاوز الصورة الرديئة لاقتسام الكعكة على حد قوله مضيفا المبادرة تحتاج إلى جملة من التدابير منها التشاور مع جميع الاطراف دون استثناء من احزاب سياسية ومنظمات حقوقية كعمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وغيرها وبالتنسيق مع الاتحاد العام التونسي للشغل.