رفض الإفراج عن الوزير الأسبق رياض المؤخر    وفاة سفير تونس لدى هذه الدولة..#خبر_عاجل    القصرين: السيطرة بالكامل على البؤرة الثانية للحشرة القرمزية    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    وزارة الصحة تدعو إلى التقيد بجملة من الإجراءات الوقائية لمجابهة الحرارة    تلبّي احتياجات دولة لمدّة عام.. الصين تشغّل أكبر محطة طاقة شمسية    300 مليون دينار اعتمادات إحداثها: هل تحسم المنطقة الحرة ببن قردان أزمة البوابة؟    بعد إنسحابه من رولان غاروس: نوفاك ديوكوفيتش يخضع لجراحة ناجحة في الركبة    بداية من اليوم : رحبة تونس تفتح أبوابها للعموم    عاجل: هيئة كبار علماء السعودية تكشف موعد عيد الأضحى    الكاف: 3 مليون دينار لصيانة فرن اسمنت أم الكليل    انطلاق أولى السفرات التجريبية لقطار المسافرين بين تونس والجزائر    النادي الافريقي يصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    وزارة التربية تنفي تسريب اختبارات اليوم الثاني لإمتحان الباكالوريا    وفاة مُواطن نهشته كلاب شرسة أمام مستودع بلدي.. فريد بن جحا يوضّح بخصوص المسؤوليات    حوادث: 8 حالات وفاة خلال 24 ساعة..    هلاك شيخ 78 سنة في حادث مرور مروع بسيدي بوزيد..    معرض الصحافة لليوم الخميس 6 جوان 2024    العدوان الصهيوني على غزة: دولة جديدة تنضم لقضية الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية..#خبر_عاجل    عاجل/ مستجدات في جلسة محاكمة شيماء عيسى..    المنتخب الوطني: اليوم حزم الحقائب إلى جوهانسبرغ .. وثنائي يغيب عن الرحلة    فرنسا وإسبانيا وبلجيكا تنجح في اختباراتها الودية استعدادا ليورو 2024    رئيس الحكومة يلتقي عددا من أفراد الجالية التونسية بسيول    الجيش البريطاني يؤكد عدم جاهزيته لحرب عالمية ثالثة    جمعية موجودة في تونس تثير الجدل ...ما قصتها ؟    محمد بوحوش يكتب.. التّونسيّون والبيئة: أنقذونا!    تعقب العناصر الإجرامية الخطيرة المفتش عنها في باجة    اجة: مبادرة بقبلاط لتخفيض سعر الخرفان    الناقد سعد الدّغمان يكتب عن «الحداثة في شعر ساجدة الموسوي»    تأسيس نادي الأدب والفكر بمكتبة الشبّان والكهول بمقرين    أوجاعُ الغائبين    خبير بيئي: الصيد بالكيس ساهم في تصحّر خليج قابس من الثروة السمكية    700 مليون دولار استثمارات تركية في تونس.. مساع لتعزيز المعاملات البينية    بهدوء: التفّاحة أصبحت...بصلة !    راية العلم لا تُنكس    كفى بالإنسان لذّة العلم جاءت الثّمرات أم لم تأت    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الخامسة والعشرين    السعال الديكي يتفشّى في أوروبا والسلطات تحذّر    الديوانة: تدشين المقرّ الجديد لوحدة مراقبة الحاويات بسوسة.    في الصّميم ...كرة القدم تَجمعنا ولن تُفرّقنا    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء والجرحى..    الصحة العالمية تعلن تسجيل أول وفاة بشرية بمتحور من إنفلونزا الطيور..#خبر_عاجل    الكاف يحسم الجدل بخصوص تأجيل كأس أمم إفريقيا 2025    الحشاني: تونس بلورت استراتيجيتها التنموية منخفضة الكربون في أفق 2050    المغرب: وفاة 8 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين إثر تناولهم مشروبات كحولية محلية الصنع    طقس اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    بوتين يهدّد بتسليح دول ثالثة بغاية مهاجمة الغرب    قفصة: الاحتفاظ بكهل يصنع مادة 'الڨرابة' المُسكّرة وحجز معدات    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على استعداد لمواصلة دعم تونس في برامجها الإصلاحية    وزارة الصحّة تتابع تقدم إنجاز المشاريع الصحّية المموّلة من قبل الصندوق السّعودي للتّنمية    تونس تخسر كفاءاتها ...نجاحاتنا الطبيّة تُصدّر إلى المغرب !    معرض صفاقس الدولي الدورة 58 في هذا الموعد    نجاح طبي في مستشفى سهلول: التفاصيل    عاجل : مجانية الدخول لحضور مباراة تونس و غينيا    بعد الإفراج عنها: ''التيكتوكر'' إيمان تخرج عن صمتها    طبيب فرنسي يُهاجم نادين نسيب نجيّم...كيف ردّت عليه؟    ظافر العابدين عضوا في لجنة تحكيم مهرجان عمان السينمائي    اليوم: انطلاق الدورة الرئيسية لامتحان الباكالوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



همزة فصل : المعرّي يصرخ من جديد: «وما جَنَيتُ على أحد!!!»
نشر في الشروق يوم 18 - 02 - 2013

تُرَى ما الذي جناه أعمى «معرة النعمان» كي يُقْطَعَ رأسه ،ويُقْتَلَ رمزيّا في معركة لم يخترها،ولم يكن طرفا فيها لأنّ الزمن لم يسعفه بمعرفة خلفياتها وتداعياتها ؟ ألم يكشف قاطعُ رأسه عن هُويته، وعن إيديولوجيا الموت وقطع الرؤوس التي تحرّكه؟و هل كان يجب قطع رأس تمثال «أبي العلاء المعرّي» كي يثبت صاحب الفعلة أنّه ثوريّ حتى النخاع؟؟

إنّ هذا الثائر الموهوم الذي يوجه سلاحه إلى رمز تاريخيّ متعمّدا اغتيال علامة فارقة في تاريخ أمة العرب التي تاه فيها العقل وأُسْكِنَ السجون والأقبية المظلمة، لا يمكن أن يحظى بالاحترام والتقدير حتى وإن كان يدافع عن قضية عادلة؟ بل إنّ مَنْ يوجّه نار حقده إلى تمثال مسالم يطلّ من كوّة التاريخ ليذكّر بمعاناة من أصيب بداء التفكير في زمن التكفير، يريد أن يستأصل العقل رمزيا ،وأن يكشر عن أنيابه الأيديولوجيّة الرجعية التي تكشف حقده على كلّ ما في هذه الثقافة العربية من نقاط ضوء يمكن أن تبيّن للعالم أنّ العرب ساهموا في نحت العقل البشري ،وتأسيس ثقافة السؤال والجدل الفكري الخلاق..

منذ سنوات، دشّنت حركة «طالبان» حكمها الدمويّ بتفجير التماثيل انتقاما من الفنّ ،ومن التاريخ.ولم يَرْقَ وعي الحاكم بأمره في «أفغانستان» إلى إدراك خطورة جريمته التي اعتدى من خلالها على ثروة إنسانية لا يحق لطرف أن يحتكرها لنفسه،أو أن يسطّر مصيرها.وأين الغرابة في الأمر مادام قائد الجماعة ينظر إلى العالم بعين واحدة لا تستطيع أن تبصر كلّ النور في السواد المحدق بها!!!

و في العراق أقدم النظام الطائفي على جريمة شنيعة لا تقلّ همجيّة وضربا لكلّ ما هو جماليّ فنّيّ إذ حطّم كثيرا من كنوز العراق من التماثيل، وأتلف الرسومات والجداريات بتعلّة أنها ترمز إلى عهد صدّام. ولم يتعامل مع الحجر والألوان على أنها إبداع إنساني يجب أن يخلّد حتى وإن أشرف على تركيزه وتثبيته حاكم ديكتاتور. وفي المقابل، أتى ثوار فرنسا الرافضون للملكيّة مما عزّز أمل الفرنسيين في زوال الظلم بلا رجعة . فقد ذهب حكم الملوك. وزال ظلمهم وجورهم. ولم تبق إلا قصورهم ومنتزهاتهم. ذلك أنّ الجمهورية القائمة على أنقاض حكمهم لم تبع القصور حقدا وشماتة، ولم تهدمها لأنها بكلّ بساطة ترمز إلى حقبة تاريخية لا تريد الذاكرة الجمهورية أن تتجاوزها بالإلغاء والتهديم بل بإشاعة قيم العدل والحرية والمساواة.وتجاوزت فرنسا ماضيها الحزين بحكمة مجموعة من السياسيين آثروا النظر إلى المستقبل وما يعد به من خير، على العودة إلى الماضي وما يمكن أن يفتحه من جراح.

إنّ جريمة قطع رأس تمثال «أبي العلاء» لا تبشّر بخير يمكن أن يأتي على يد هذا «الثوريّ» المزعوم الذي يحمل حقدا دفينا على كلّ ما هو فنّي جماليّ. فثقافة القتل الساكنة في قلبه التي تحوّلت إلى قناعة هي معادية للإنسان وللحياة. والأكيد أنّ مَنْ تجرّأ على قطع رأس تمثال لا يمكن أن يتورّع عن قتل رؤوس كلّ معارضيه. فهل أنّ السوريين الغاضبين لا يريدون في النهاية إلا تغيير «هويّة» الجلّاد مع المحافظة على أفعاله وطريقته في الحكم!!!...

وأيُّ فرق بين مَنْ عمد إلى تمثال يقطع رأسه، وبين مَنْ ترصّد «شكري بلعيد» ليقتله أمام منزله بدم بارد ؟؟؟ ...كلاهما يغتال العقل، ويسجن الحوار والجدل الخصب في أقبية السجون والموت،ويرفض الاختلاف الخصب والتعايش الخلّاق..
أما آن لهذه الأمّة الشريدة أن تعطّل عمل سيوف الغدر وآلات القتل لتفعّل صحوة العقل التي بشّر بها أبو العلاء المعرّي، والتقطها الحكماء في أراض بعيدة ليرسموا طريق العلم والحضارة الشاهد على قدرة الإنسان-متى أراد-على تخصيب الحياة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.