بقطع النظر عن تأييد البعض له ورفض البعض الآخر فإن مجلس حكماء تونس كله من الرجال، فهل يعني هذا أن الحكمة غائبة عند النساء وأنهن صرن ناقصات عقل ودين بعد الثورة ؟ أثار غياب المرأة في مجلس الحكماء استنكار الناشطات في الحقل السياسي والجمعياتي هذا المجلس الذي بادر ببعثه رئيس الحكومة حمادي الجبالي ليضم عددا من الشخصيات الوطنية المتخصصة والعاملة في مجالات متعددة وذلك للاستئناس به في تقدير المواقف والمستجدات الوطنية وتقديم الاستشارة والنصح للصالح العام دون أن يكون هذا المجلس بديلا لأية هيئة أو مؤسسة وطنية أو موازيا لأعمالها.
وزيرة المرأة سهام بادي قالت في هذا الخصوص: «طبعا أشعر باستياء عميق لتغييب المرأة عن مواقع الاستشارة والقرار مرفوض»، كما قالت: «مع عدم اعترافي به ومع أنه يفتقد الصفة القانونية لا يسعني غير أن أندد لأن تونس زاخرة بالحكيمات ولديهن خبرة في السياسة». وبالنسبة إليها هم يفوتون على أنفسهم خيرا عظيما لأن رأي المرأة يمكن أن يكون مهما، واعتبرت أن هذا الإقصاء يعود بنا من جديد إلى المجتمع الذكوري .
وعن ردة فعلها كوزيرة للمرأة أفادت: «سوف أعبر عن كلامي هذا في أول لقاء برئيس الحكومة ولكن في الظرف الحالي البلاد تعيش ظرفا خاصا».
عقلية ذكورية
آمنة منيف رئيسة جمعية كلنا تونس اعتبرت أن عدم وجود من العنصر النسائي في المجلس هو تجاهل واضح لهن واعتبرته شيئا غريبا ليس بإمكاننا غير التنديد به، وأضافت أنه استهزاء بنصف المجتمع التونسي لأن المرأة نصف المجتمع وفي الحقل النسائي توجد كفاءات كبيرة قادرة على المساهمة في الخروج من الأزمة وإقصاؤها دليل على العقلية الذكورية التي يختزنها السياسيون في تونس وعندما تتعلق الأمور بقرارات حاسمة حتى في مستوى الأحزاب يصبح المشهد ذكوريا مائة بالمائة .
واشارت إلى أن مجلس الحكماء يتضمن على الأقل 3 أعضاء من النهضة و3 آخرين لهم مرجعية قريبة من النهضة ويستدعى فيه رئيس اركان الجيش وهو ما يجعل حياده محل انتقاد.
ومن تحفظاتها أيضا وجود صلاح الدين الجورشي صلب هذا المجلس رغم احترامها الشديد لشخصه لأنه حسب رايها إعلامي ومحلل سياسي موجود بصفة مكثفة بوسائل الإعلام وبالتالي لا يمكنه أن يلعب عديد الأدوار .
وختمت بأن مجلس الحكماء خال من النساء لأن السياسيين لم يتخلصوا من أنهن ناقصات عقل ودين. ولم تختلف معها نجوى مخلوف نقابية وعضو اللجنة الوطنية للمرأة العاملة صلب اتحاد الشغل وتضيف أن عدم تشريك النساء في مجلس الحكماء هو دليل أن السياسيين يعتبرون المرأة درجة ثانية بل لسنا موجودات في هذا البلد .
وأضافت نحن في رايهم لا نمثل الحكمة وهذه الأخيرة لا تصدر عنا. وقالت المرأة اليوم يتم إقصاؤها عن قصد حتى تكون دائما : «مقزمة» ولا تساهم في الحل وبالتالي تكون طرفا في المشكل ولا تكون طرفا في الحل.
واعتبرت أن عدم تشريك المرأة هو إقصاء ممنهج بينما الساحة تعج بالنساء ذوات الخبرة باعتراف دولي وصرحت بأن اللجنة بصدد إصدار بيان للتنديد بهذه الممارسات. وافادت الأستاذة راضية العبيدي انه رغم ان المجلس له دور استشاري إلا أنه لن يضيف شيئا للمشهد السياسي لأن المسألة تحتاج إلى توافق سياسي كبير ومسؤولية وطنية لكل الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية.
وقالت: «نعم نحتاج إلى صوت العقل والحكمة ولكن لا اعتقد أنه سيقوم بدور هام في هذه الظرفية بالذات، وكأن بعث هذا المجلس هو استغناء عن سلطة المجلس الوطني التأسيسي بمعنى إيجاد سلطة موازية».
وقالت: «رغم عدم جدوى هذا المجلس في رأيي إلا أنني أرى أن المرأة مغيبة وهذ يكشف اننا قمنا بثورة في البلاد ولكن لم نقم بثورة على العقول». والمرأة بالنسبة إليهم لا تمثل الحكمة في تونس وهذا ما يحيلنا إلى القيام بثورة فكرية وثقافية على العقليات التي تقصي المرأة وتستنقص من شأن وجودها في أي هيكل كان.
رجال ينتقدون
عدم تشريك النساء في المجلس التأسيسي انتقده بعض الرجال الذين يعتبرون ضرورة وجودها في كل المجالات مسألة مسلمة ومنهم الإعلامي سفيان بن فرحات والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي رغم انه عضو في هذا المجلس.