المرأة والسياسة في عهد بن علي لم تكن سوى «عصا موسى» التي اختزل فيها المخلوع مآرب أخرى، بحيث استعملها استعمالا ذكيا لتلميع سياسته في الداخل والخارج، وهو ما أكدته أكثر من امرأة تخوض السباق السياسي في انتخابات المجلس التأسيسي. بشرى بن حميدة (التكتل): خرجنا من وضع احتكار الدولة للمرأة وتجتمع مع هذا الرأي السيدة بشرى بن حميدة (التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) اذ اعتبرت قانون المناصفة غير مسؤول عن الحضور الضعيف للمرأة على رأس قائمات الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي انما يعكس هذا الحضور الضئيل العقلية الأبوية في العمل السياسي وفي المجتمع مما حرم الكثيرات من رئاسة القائمة حتى النساء أنفسهن دخلن منافسات لبعضهن وتلك عقلية لا يمكن تغييرها وقالت في هذا المجال بأن قانون التناصف ضمن الأدنى الذي قد لا يكون مضمونا في غيابه، لذلك فالوجود الضعيف هنا مناسبة للدخول الى الحقل السياسي والمطالبة باستقلالية القرار النسائي والاعتراف بالمواطنة والتمتع بحق المرأة في المشاركة السياسية الكاملة». والمطالبة بما حرمت منه في عهد بن علي الذي استغلها سياسيا. وأكدت الاستاذة بشرى بن حميدة أنه رغم الحضور الضعيف المنتظر في المجلس التأسيسي الا أن المرأة استطاعت بهذا الموقع الصغير الخروج من وضع احتكار الدولة لها وتوظيفها لتلميع الصورة، والخروج من هذا النفق مسألة صعبة، المهم في كل هذا التوظيف الصحيح لطاقات المرأة في جميع المجالات والاعتراف بمواطنتها وحقوقها الشرعية وهي مطالب أساسية لاعادة بناء صحيح لتونس والخروج من الاحتكار السياسي. سعاد عبد الرحيم (النهضة): الديكتاتورية القديمة كبلت المرأة وغيبتها عن السياسة وفي المجال نفسه قالت السيدة سعاد عبد الرحيم (حزب النهضة) ان الديكتاتورية القديمة غيبت النساء عن الحقل السياسي وكبلت المرأة بأدوار ثانوية وقد جاء قانون التناصف في الترشيح لانتخابات أكتوبر فرصة تاريخية لخلق حراك سياسي في صفوف النساء وتمكينهن من العمل الميداني والتعريف بأنفسهن والمراهنة على طاقاتهن مثل الرجال، وهو ما يجعل حضورها في المجلس التأسيسي وان كان حضورا ضعيفا ايجابيا وواعدا ومصيريا وهناك محطات أخرى هامة في انتظارها. وبكثير من التفاؤل أكدت السيدة سعاد عبد الرحيم بأن المكسب الهام للتونسية ما بعد الثورة أن تحظى بنفس الفرص في الممارسة السياسية مثل الرجال بحيث لا ليقع التمييز بينها وبين الرجل على أساس الجنس بل على أساس الكفاءة، وهو ما جعل في التناصف عدالة ستمكنها من تحمل المسؤولية الفعلية عن جميع المجالات وبناء تونسالجديدة جنبا الى جنب مع الرجل لأن المصلحة الجماعية تقتضي التكامل في الأدوار وضمان المساواة دون احتكار أو تزويق سياسي مثل العهد السابق. سعيدة قرّاش (الوطنيون الديمقراطيون): التخلّص من الحرمان السياسي ضروري أكّدت السيدة سعيدة ڤرّاش رئيسة قائمة «الوطنيون الديمقراطيون» أن التونسية اليوم تحتاج الى مساواة فعلية وغير صورية وتامة مثلها مثل الرجل وهذا لا يتحقق إلا بتكريس المواطنة التي تضمن لها عديد الحقوق في الممارسة السياسية خاصة، ذلك أن الاحزاب من أقصاها الى أقصاها تطالب بالمساواة كمطلب أساسي ومصيري في الدستور الجديد للبلاد. وإن كانت تمثيلية النساء رئيسات القوائم متقلّصة جدا في الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي، إلا أن الوضع يدعو الى التفاؤل إذ لو لم يقع التركيز على التناصف في الترشح لغابت المرأة عن السباق السياسي وظل الحضور ذكوريا مائة بالمائة. وأوضحت أن المترشحات كن على وعي تام بهذا الحضور الضعيف لكن المسألة تحكمها عقلية رجالية لا يمكن لها أن تتغير بين ليلة وضحاها، ثم إن المرأة في تونس اصبحت تؤسس للمستقبل وتسعى الى التخلص من الحرمان السياسي وتطالب بدستور في قيمة الثورة التونسية التي شاركت فيها الأنثى مثل الرجل على قدر واحد من الحماس والشجاعة، كما تطالب بالمساواة وهي مطلب ليس مسقطا أو دخيلا عليها، إذ من المفروض حسب السيدة سعيدة قراش أن يكون موجودا ويُقحم المرأة في الشأن العام والخاص وفي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وهو ما يجعل القبول بدستور لا يكرّس تاريخ النساء الهام من عليسة الى «الكاهية الى عزيزة عثمانة والجازية الهلالية وغيرهن أمرا مستحيلا».