قدم رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي مساء أمس استقالته الى رئيس الجمهورية واضعا شروطا للعودة منها الابتعاد عن التجاذبات السياسية وتحديد موعد للانتخابات وحوار وطني لا يقصي أحدا. وقال الجبالي مباشرة بعد لقائه بالمرزوقي إن «هناك في حياة الانسان لحظة تاريخية لحظة صدق ولعلكم تابعتم المساعي التي بذلت من اجل تشكيل حكومة كفاءات وطنية محايدة والتي جاءت في ظرف صعب كانت البلاد لا قدر الله ستسقط في دوامة من العنف فكان الهدف من هذه المبادرة تجنيب بلادنا ويلات الاحتقان والعنف». وتابع «الهدف كان واضحا حكومة محايدة بعيدة عن الصراعات السياسية والتجاذبات الحزبية تتفرغ لخدمة برنامج واقعي خدمة للشعب وفيه اولويات واضحة التشغيل والأمن والاسعار والقدرة الشرائية للمواطنين وخاصة ضعاف الحال والتنمية الجهوية والتوازنات بين الجهات والفئات، برنامج واقعي في تاريخ محدد يفصلنا عن الانتخابات». وفاء بالوعد واكد الجبالي انه كان مقتنعا بفحوى مبادرته وانه مازال مقتنعا بها وبانها السبيل الأفضل للخروج بالبلاد من متاهات الصراع والتفتيت «التقيت بكل الاحزاب وفي مناسبتين خلال النقاش حول هاته المبادرة وتبين لي انها لم تحظ بدعم سياسي اي الاغلبية في المجلس التأسيسي».
وأضاف «استخلصت الدرس وهو ان هذه المبادرة ليس لها حظوظ ولا احمل اي طرف المسؤولية يكفينا تراشقا بالتهم ويكفينا تشاجرا وشعبنا ملّ من هذه المشاهد وانا وعدت وتعهدت بانه اذا لم تنجح المبادرة سأتنحى عن منصبي وأستقيل من رئاسة الحكومة وهذا ما فعلته الآن عندما التقيت رئيس الجمهورية».
واوضح رئيس الحكومة المستقيل ان ما اقدم عليه هو وفاء بالعهد «وشعبنا يبحث عن المصداقية الآن هناك خيبة أمل كبيرة لدى شعبنا في نخبته ولا بد من استرجاعها وهذه خطوة لاسترجاع الثقة ليس في النخبة فقط بل في كل الاحزاب».
واشار الى ان الاستقالة لا تعني استقالة من الواجب مؤكدا انه طالب كل الوزراء بالعمل اكثر من السابق لكي تبقى الدولة كما بقيت في جانفي 2011 مؤكدا انه لن يكون هناك فراغ مؤسساتي.
وتابع «استقالة رئيس الحكومة وفشل المبادرة لا تعني فشل تونس او فشل الثورة اوجه نداء كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة (نخلة صغيرة) فليزرعها، الآن لم تقم الساعة لا باستقالة الحكومة ولا بغيرها هذه دعوة وأتحمل مسؤوليتي وانا اعي التزامي وكان التزامنا اكبر عندما ادينا القسم». العودة
وحول امكانية عودته الى رئاسة الحكومة قال «ربما يسألني سائل هل سأكون من المترشحين في الحكومة الجديدة انا مازلت على قناعتي بحكومة الكفاءات الوطنية لكني ايضا مازلت على عهدي لأخدم شعبي لكن بشروط وهي ان تكون حكومة لخدمة شعبي».
واضاف في سياق تعداده لشروط عودته «لابد لهذه الحكومة ان تبتعد عن التجاذبات السياسية وان تستغرق جهدها في خدمة المواطن من خلال تأمين حوار وطني دون استثناء وخاصة تحديد تاريخ الانتخابات ولن انخرط في تجربة لا يكون فيها تحديد واضح لتاريخ الانتخابات لانها ستوضح الرؤية لشعبنا وللرأي العام الداخلي والخارجي». وتابع «لا بد ان تكون هذه الحكومة حكومة كل التونسيين وتدافع عنهم جميعا وعن حقهم في النشاط السياسي والاجتماعات وان تتحمل الدولة مسؤوليتها في تأمين كل التونسيين والتونسيات ولن تقبل ان يقوم بدورها أي تنظيم أو لجان».
كما جدد الجبالي تأكيده انه لن يترشح لأي انتخابات قادمة في حال ما تم تجديد الثقة فيه كرئيس للحكومة متمنيا ان يتبعه باقي وزراء الحكومة المقبلة في ذلك دون ان يجعله شرطا لعودته».
ومن جانبه قال الاستاذ احمد نجيب الشابي بعد لقائه برئيس الجمهورية انه تم الاتفاق مع حركة النهضة على تحييد وزارات السيادة في الحكومة الجديدة كما اكد ان حزبه سيدعم الحكومة المقبلة لكن دون ان يشارك فيها.
كما أشار الشابي الى انه تم الاتفاق على تحديد موعد الانتخابات المقبلة وضرورة تمرير التركيبة الجديدة الى مصادقة المجلس الوطني التأسيسي في كل الحالات سواء كان تعديلا وزاريا او تحويرا كليا مضيفا انه لا يمكن ان تتراجع حركة النهضة عن تلك التنازلات التي قدمتها.
وأمام ما أكده رئيس الحزب الجمهوري يمكن ان نقول ان عودة حمادي الجبالي الى رئاسة الحكومة تصبح أكيدة بالنظر الى ان شروط الجبالي هي نفسها التي قال الشابي انه تم الاتفاق حولها، كما كان رئيس مجلس شورى حركة النهضة قد أكد في تصريح له أمس الاول ان الجبالي اذا ترشح سيكون المرشح الوحيد لحركة النهضة.
حكومة الجبالي تتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال لمدة 15 يوما ينصّ التنظيم المؤقت للسلط العمومية على أنه في حال استقالة الحكومة تواصل مهامها مدة خمسة عشر يوما يقوم خلالها رئيس الجمهورية بتكليف شخصية يقترحها الحزب الأغلبي في المجلس الوطني التأسيسي من أجل تشكيل حكومة في ظرف 15 يوما وان لم يتمكن من ذلك يتم تكليف شخصية اخرى من نفس الحزب او التمديد للشخصية الاولى ب15 يوما واذا لم يتمكن من تشكيل الحكومة يقوم رئيس الجمهورية باختيار شخصية أخرى.
هذا ويلتقي رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي اليوم برئيس حركة النهضة الاستاذ راشد الغنوشي لقبول مرشح الحركة لمنصب رئيس الحكومة.