أصدرت بعد زوال يوم أمس حركة النهضة بيانا لم يفاجئ أحدا حول «اعتذار» السيد حمادي الجبالي عن تولي رئاسة الحكومة، بعد أن تأكد جميع المراقبين من تقدم المفاوضات لتقديم السيد نور الدين البحيري لهذه المهمة باسم الحركة منذ مساء يوم الأربعاء. وكما هو منتظر، فقد جاء البلاغ مطابقا للأعراف السياسية، خصوصا حين تحيي الحركة حمادي الجبالي بصفته أمينها العام، وتشكره على الجهود التي بذلها طيلة رئاسته للحكومة، لكن الجميع يعلم أن الخلافات بين حمادي الجبالي وهياكل الحركة وخصوصا مجلس الشورى قد بلغت مداها، وأن الأغلبية المطلقة في الحركة تعتبر أن الأمين العام قد ذهب بعيدا في إخراج الحركة من السلطة حين اشترط تكوين حكومة كفاءات لا مجال للأحزاب فيها. وبهذا البلاغ، ينسحب السيد الجبالي رسميا وتماما من قائمة المرشحين لرئاسة الحكومة رغم إجماع المعارضة وأغلب مكونات الترويكا على أهمية مقترحه في إنقاذ البلاد من الأزمة التي تمر بها، بالإضافة إلى الدعم الدولي الذي حظيت به مبادرته.
وبهذا، يطرح السؤال الملح حول المصير السياسي للسيد حمادي الجبالي، في ظل المزايدات الكثيرة حول إمكانية انسحابه من حركة النهضة وتأسيس حزب جديد. وتؤكد العديد من المصادر المقربة من السيد حمادي الجبالي أنه يفضل هذه الأيام أن لا يخوض في الجدل الدائر حول تكوين الحكومة، ويلتزم جانب التحفظ بحكم مهامه السياسية داخل الحركة التي لم يصدر بشأنها أي شيء. كما تؤكد مصادر من داخل حركة النهضة أن السيد الجبالي ما يزال يشغل خطة الأمين العام، وأن الخلاف حول تكوين الحكومة لن يؤثر على مهامه الحزبية. لكن العارفين بشؤون الحركة وطبيعة المرحلة يؤكدون أن شرخا سياسيا قد حدث بين الرجل ورفاق النضال بسبب هذه الأزمة، بما يطرح أسئلة حول إمكانية انسحابه من الحركة. وتستبعد العديد من المصادر أن يعلن السيد حمادي الجبالي هذه الأيام عن أي قرار يخص حياته السياسية احتراما للحركة ولواجب التحفظ الذي تمليه عليه خطته فيها خصوصا في ظل استمرار هشاشة الوضع السياسي والأمني في البلاد. وفي ما يلي نص بلاغ حركة النهضة:
بلاغ إعلامي
بعد مشاورات مع الأخ حمادي الجبالي الأمين العام واقتراح الحركة عليه أن يكون مرشحها لتولي رئاسة الحكومة الائتلافية الجديدة فإن الحركة : أولا: تعلن اعتذار الأخ حمادي الجبالي عن قبول هذا الترشيح.
ثانيا: تعلم الرأي العام وكل الأطراف المعنية أنها بصدد التشاور داخلها ومع شركائها لتقديم مرشح إلى رئيس الجمهورية قبل نهاية الأسبوع الحالي. ثالثا: تحيي الأخ حمادي الجبالي الأمين العام وأعضاء الحكومة لما قاموا به من جهود لصالح البلاد.
كما تدعو حركة النهضة كل المواطنين إلى المساهمة في إعانة الحكومة القائمة على القيام بواجباتها إلى حين تولي الحكومة الجديدة مهامها.