ازدادت صيحات الفزع التي أطلقها المواطن في مختلف أنحاء الجمهورية لأن مقدرته الشرائية تدهورت بشكل ملفت إلى حد لم يعد يطاق خاصة بالنسبة للطبقة الفقيرة التي يتزايد عددها يوما بعد يوم. حيث كانوا ينتظرون تحسن اوضاعهم ولكن للأسف ازدادت سوءا في الفترة الاخيرة لأن المسؤولين عن الدولة منشغلين في تشكيل الحكومة وغيرها من الاحداث ليبقى المواطن مهمشا وقد اكتوى بنار الأسعار الموقدة التي تزداد تدريجيا بما يطرح اكثر من سؤال بشان الحلول الكفيلة بإعادة استقرارها التي لم تكن في المستوى المأمول وعلى وزارة التجارة ان تتخير سياسات اخرى اكثر جدوى وفعالية. فهل ستتوصل الحكومة التي عسرت ولادتها إلى ايجاد الوصفة الصحيحة للتصدي لظاهرة التضخم المالي وارتفاع الاسعار؟
«الشروق» رصدت انطباعات ثلة من المواطنين فكان اللقاء مع الهادي تشيتشو (جزار) الذي لم يخف انزعاجه من الوضع الحالي لأنه لم يشهد في حياته هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار وخاصة اللحوم الحمراء التي زادت بنسبة تكاد تكون مائة بالمائة في السنوات الاخيرة ولم يعد المواطن قادرا على شراء لحم الخروف الذي تجاوز 18د وهو لعمرى مؤشر خطير على اعتبار أن سيدي بوزيد من الولايات التي عرفت بوفرة الخرفان فيها على المستوى الوطني.
«الجزار» ضحية مثل المواطن
إقبال المواطن اليوم على لحم الخروف قل بنسبة 70% مقارنة بالأعوام الفائتة وأصبح يميل اكثر إلى لحم «النعجة» الذي بلغ بدورة 13د هذه الايام. ويؤكد محدثنا بأنه رغم التهاب سعر لحم الخروف(18 د للكلغ الواحد) لا يحقق لنا ربحا نظرا لارتفاع سعر الخرفان في الاسواق والذي اصبح لا يطاق. كثير من المواطنين يعتقدون بأننا نحن المتسبب في التهاب الأسعار وفي الحقيقة العكس فلا دخل لنا في ذلك وإنما نحن حلقة من الحلقات ولسنا المتسبب في غلاء اللحوم الحمراء بهذا الشكل. ويشتكي المواطن سمير بن التبريزي حفصاوي (موظف) من غلاء الأسعار متمنيا أن تكون فترة وقتية واستثنائية ويأمل ان ترجع الامور إلى ما كانت عليه ويستقر الوضع وترجع الأسعار إلى حالتها الطبيعية رغم ان جل المؤشرات لا توحي بذلك. فعند نهاية كل شهر نقبض رواتبنا وهي في الحقيقة كمية كبيرة من الاموال لا تكفينا لتوفير جل مستلزمات عائلاتنا. فاللحوم الحمراء أصبحت امنية للموظف فما بالك للفقراء والمحتاجين؟! فقفة التونسي أصبحت خاوية إذا استثنينا المواد المدعمة فان البقية من خضر وغلال وصل سعرها إلى درجات قياسية فعسر على المواطن حتى النظر اليها.
وإذا كان الموظف يشتكي لأنه اصبح عاجزا عن مجاراة نسق الحياة الطبيعي فما بالك بالمحتاجين والمساكين من الفقراء. على حد قول عامل الحضيرة السيد عبدالرزاق جواودة الذي يتقاضى 250د (راتب شهري) لم يجد المعادلة الحسابية المناسبة لصرف هذا المبلغ الزهيد، وأنه وجد في السوق الاسبوعية بعضا من حاجاته ومنها يشتري الدجاج الذي يسمى بالجهة ب«القرقوري» الذي تضاعف سعره من الثورة إلى الآن ووصل إلى 14د وأكثر. ويضيف بأنه اكتوى بنار الأسعار فلم يعد قادرا على توفير ابسط مقومات العيش لأبنائه. عجزنا على شراء الخضر والغلال واللحوم الحمراء والبيضاء التي وصلت اسعارها إلى اكثر من 7800مي «الدندون» وفي حدود 6500مي للدجاج العادي. فصرخات الفقراء والمحتاجين وحتى متوسطي الحال لم تجد اذانا صاغية وظلت نار الأسعار تفتك بالجميع. ويضيف بأن الأمل لا يزال قائما في تحسن الاوضاع المعيشية للمواطن في قادم الأيام.