دجاج "الماكينة" او كما يحلو للعامة تسميته بدجاج "الحاكم" والذي لم نكن في السابق نعيره اهتماما أصبح حاليا على الزوالي صعب المنال في ولاية بن عروس فسعر الكيلو غرام الواحد للشرائح منه بلغ 10 دنانير وأما الدجاج فقد بلغ سعر النوع المصنف ب7د والمذبوح ب6.200 د وأما سعر الدجاج الحيّ فهو 4.200 د. "الصباح" التقت بعديد الأطراف المتداخلة لاستجلاء الأسباب الحقيقية وراء هذا الغلاء الفاحش للحوم البيضاء. احمد (50 سنة موظف) يقول إن بعض المزودين استغلوا الظروف الحالية للبلاد وظاهرة الاحتقان والعنف واهتمام المواطن بالشأن السياسي وغياب المراقبة الاقتصادية للترفيع في الأسعار. كما ان كثرة الطلب وانفتاح السوق الليبية أمام المنتوجات المحلية سواء كان ذلك بطرق شرعية او غير شرعية ألهبت الأسعار فاكتوت بنارها العائلات ذات الدخل المحدود. وحتى مربو الدواجن فقد أطلقوا بدورهم عديد المرات صيحات فزع إزاء الارتفاع الصاروخي للأعلاف والأدوية مطالبين السلطات المعنية بالتصدي لهذه الظاهرة قبل أن يعلنوا إفلاسهم بسبب الخسائر المتراكمة وتردي أوضاعهم ومعاناتهم المهنية التي قاربت ان تجبرهم على تعليق الإنتاج. محمد من إبراهيم (صاحب مدجنة) يقول: "نحن غير قادرين على مجابهة الارتفاع المشط للأعلاف والأدوية ولقد أصبحنا نتلقى الضربة تلو الأخرى. فأسعار البيع عادة ما تكون منخفضة ولا تغطي مصاريفنا لذا إننا في الكثير من الأحيان نبيع إنتاجنا بالخسارة". مربي دواجن آخر يقول: "ان انقطاع التيار الكهربائي خلال الأشهر الماضية صيفا بجهة بن عروس سبب لنا خسائر فقد توفيت كميات كبيرة من الدجاج وتوقف نمو الكثير منها رغم أننا لم نطالب بجبر الأضرار خوفا من إغراق السوق المحلية بلحوم الدجاج المستورد". خديجة (ربة أسرة) تقول انها اشترت دجاجة حية تزن 2 كغ (ب4 د للكلغ الواحد) ظنا منها ان ذلك سيكون ارخص بكثير من الدجاج المذبوح ولكنها بعد ذبح الدجاجة وتنظيفها لم يبق منها سوى 60 او 70 بالمائة من لحمها الصافي وبعد إضافة 1200 ثمن الذبح والتنظيف اصبح الثمن الحقيقي للدجاجة الحية بعد ذبحها لا يقل عن 12د. ويؤكد العديد من الخبراء في المجال الاقتصادي ان تذمر المواطن من ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء سببه تدني قدرته الشرائية ومحدودية راتبه الذي لم يعد مواكبا لتسارع نسق تحولات العصر والتكاليف المعيشية فارتفاع الأسعار يعود أساسا الى تزايد استهلاك العائلة التونسية للحوم البيضاء وعدم قدرتها على مجابهة أسعار اللحوم الحمراء والاسماك وكذلك تجاوزات الباعة كما ان انفلات الأسعار وغياب المراقبة الاقتصادية وعدم انصاف المستهلك التونسي قد شجع أغنياء الأزمات الذين لا يختلفون في شيء عن أغنياء الحرب على مزيد الاحتكار والسرقة والغش والتهريب واغراق السوق بالممنوعات او إفراغها من البضاعة الضرورية لحياة المواطن بغية تحريك الطلب والرفع في الاسعار وبذلك يزداد الفقير فقرا والمحتكرون جشعا وتغولا رغم ان وزارة التجارة عندما حددت أسعار لحم الدجاج ذكرت ان ذلك تم بالتشاور مع اهل المهنة وهو ما لم يحدث اصلا ولم نره على أرض الواقع". ومن العوامل الأخرى المتداخلة في ارتفاع أسعار الدجاج ونقص الانتاج في الأسواق يذكر السيد محمد بن ابراهيم (مربي دواجن) "ان العلف غير الصحي الذي استوردته بلادنا مؤخرا والحاوي على طفيليات أثر على نمو الدجاج وتاخر ذبحه فالدجاجة عادة ما تتطلب حوالي 40 يوما لذبحها لكنه بسبب نوعية هذه الأعلاف المغشوشة أصبح نمو الدجاجة يستغرق أكثر من 50 او 55 يوما ويبقى حجمها صغيرا ووزنها خفيفا وهذه خسارة كبرى للمنتج". مسؤول في إحدى المداجن أوضح أن ارتفاع أسعار الدجاج مرتبط أساسا بارتفاع أسعار العلف المستورد الذي يحتوي على مادتي الصوجا والذرة والذي بدوره ارتفع سعره في الأسواق العالمية ارتفاعا صاروخيا إذ بلغت الزيادة ب300 د في الطن الواحد وهو ما عمق الأزمة أمام انخفاض الدينار التونسي بالخارج.