شهدت منطقة «الزّراطة» من معتمديّة بومرداس مؤخرا حالة احتقان أدّت إلى قطع الطّريق واحتجاز حافلة احتجاجا على طرد عدد من العملة في مصنع بالمنطقة، وعلى حالة التهميش الذي تعاني منه منذ عقود. «الشروق» حققت في الموضوع وقد حضر ممثلو الرّابطة التّونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان، واتّحاد الشّغل للاستماع لمطالب العمال، وأهالي المنطقة بعد إشعار السّلط المحليّة والجهويّة، كما تحوّلت تعزيزات أمنيّة من الحرس الوطني التي كانت تراقب الوضع عن كثب، حيث روى العاملون والعاملات ممّن وقع طردهم بدون موجب، وبسطوا كل مشاكلهم العالقة منذ أكثر من 27 سنة دون تدخّل من قبل النّقابة بحسب تعبير من التقيناهم.. وكانت عمليّة الطّرد هي القشّة التي «قصمت ظهر البعير» وسط استغراب الكاتب العام لاتّحاد الشّغل عبد الله العشّي، ووفد الرّابطة من سوء ظروف عمل المحتجّين، والمتاجرة بعرقهم ومرضهم، وطرد العديد ممن وصلت مدّة تشغليهم ال4 سنوات، وتعويضهم بآخرين، والكيد للبعض لطردهم بصفة تعسّفيّة دون الحصول على أبسط المستحقّات، وعدم قبول الشّهادات الطبيّة إلا من طبيب المصنع، وخصم أيّام العطلة الطبيّة في خرق صارخ للقانون الشّغلي.
منطقة تفتقر لأبسط المرافق
هذا، وقد تحوّل وفد من الرّابطة إلى قرية «الزّراطة» التي لا تبعد عن مدينة السواسي إلا 5 كيلومترات، حيث كان الوضع أسوأ بكثير ممّا تصوّرناه، بدءا من الطّرقات الموصلة للقرية وما جاورها من مناطق تنام على الظّلمة والفقر والمرض لتتحوّل إلى «أوكار» من المزابل في ظلّ غياب حملات النّظافة ومجلس قرويّ وأعوان النظافة، ناهيك عمّا يمثّله الافتقار إلى دفاتر العلاج المجاني، وبطالة الشّبان الحاملين لشهائد جامعيّة، وانتفاء موارد الرّزق للعديد من الأسر برغم مجهودات معتمد المنطقة لسعد بطّيخ لإعانة عدد لا بأس به من هذه الأسر غير أنّ الكمّ المهول من المحتاجين أجبر سلطة الإشراف على التفكير جدّيا في برامج إضافية.
كما اشتكى التلاميذ من انعدام الماء الصّالح للشّرب بالمدرسة الوحيدة بالمنطقة التي هي الأخرى حالتها متداعية مع المستوصف الوحيد الذي يزوره الطّبيب مرّة أو مرّتين في الأسبوع دون وجود دواء لمرضى ومعاقين أو طبّ اختصاص، وانعدام مرافق التّرفيه للشّباب، والأطفال المحرومين من مكتبة أو دار ثقافة أو نواد ريفية لاستيعاب أبناء المنطقة في أوقات فراغهم مع انعدام الجمعيّات الثّقافيّة، وخاصّة الأمن في «الزّراطة» والقرى المجاورة لها التي بقيت تئنّ من وجع الفقر والفاقة والحرمان، وضيق ذات اليد على غرار مناطق أخرى مثل «الرّواضي»، و»بوهلال»، و«كركر»، و«الملاهمة»، و«الشّوارعيّة»، و«أولاد حمزة»، و«الكساسبة»، و«العثامنة»، وغيرها من قرى معتمديّة بومرداس التي لفّها النسيان، وأنهكها التهميش.