نسبة تداين خارجي قدرت ب 47% , ونسبة عجز ميزانية الدولة قدرت ب 9٪ ونسبة عجز في الميزان التجاري بلغ 12 مليارا ونسبة التضخم المالي بلغت 6٪ واحيانا 9% في المواد الاستهلاكية العادية كالخضر والغلال. ارقام ونسب تدل على ان الاقتصاد التونسي يمر بأزمة حقيقية. يشير الاستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي السيد علي عبد الله ان ما يمر به الاقتصاد التونسي من صعوبة وازمة يذكرنا بما عاشه الوضع الاقتصادي التونسي خلال سنوات الثمانينات عندما عمد محمد المزالي آنذاك الى الزيادة في الاجور بقيمة 20٪ مما أدى الى عجز الميزانية العامة للدولة التي صارت عاجزة عن تغطية هذه الزيادات بسبب الواقع الاقتصادي الصعب الذي تميز في تلك الفترة بالتجمد والركود. ولم تخرج تونس من تلك الوضعية الاقتصادية الصعبة الا بعد تدخل البنك الدولي والنتيجة كانت ايضا تراكم الديون الخارجية لتونس .
وضعية مشابهة
ويقول السيد علي عبد الله ان الوضع الاقتصادي في تونس الآن مشابه لما كان عليه في الثمانينات من القرن الماضي. باعتبار الزيادة في الميزانية المقدرة بحوالي 50٪ مقارنة بسنة 2010. بالاضافة الى وجود بعض المعطيات السلبية التي طغت على الواقع الاقتصادي التونسي منها ان عدد الشركات التي أعلنت افلاسها بلغ حوالي 400 شركة صغرى ومتوسطة. وحوالي 500 مؤسسة تجارية اخرى مهددة بالافلاس أو على حافة الافلاس. هذا بالاضافة الى ارتفاع نسبة التهريب في تونس وهذا ينعكس سلبا على السيولة البنكية باعتبار ان المهربين لا يضعون اموالهم في البنوك .
ومن جهة اخرى تمتاز الاجور في تونس بضعفها مقارنة بالارتفاع المهول للاسعار في ظل غياب سياسة حقيقية من الدولة للتحكم في الاسعار والحد من ظاهرة التهريب والاحتكار التي تفشّت بعد الثورة .
موظف مرهون، دولة مرهونة
مع العلم ان موظفي القطاع الخاص والى حد الان لم يتحصلوا على الزيادة في الاجور المقررة لسنة 2012 وفي المقابل نجد ان الاسعار في تزايد مستمر . هذه الوضعية جعلت نسبة عالية من الموظفين التونسيين يعيشون دائما في وضعية اقتصادية صعبة واغلبهم يعانون مما يعرف ب«الروج» وهناك من يتحدث عن تفقير الطبقة المتوسطة المتكونة من اطارات الوظيفة العمومية وارتهانها للبنوك. ومما ساهم في معاناة الطبقة الشغيلة هو ارتفاع الفوائض المخصصة للقروض قصيرة المدى .
والمعاناة المستمرة من قبل الطبقة المتوسطة بسبب تدني الاجور وارتفاع الاسعار وارتفاع فوائض القروض الاستهلاكية من شأنه ان يؤثر أيضا على ما يعرف بالادخار الشخصي الذي اضمحل بعد الثورة تقريبا وحتى الادخار الوطني اصبح ضعيفا وغير قادر على تغطية مصاريف الدولة والنتيجة ستكون حتما موظفا مرهونا ودولة مرهونة للبنك الدولي من جهة وللدول المقرضة من جهة اخرى .
إصلاح هيكلي
يرى الاستاذ علي عبد الله ان الخروج من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه تونس يكون اولا بضمان الاستقرار السياسي وتحديد معالمه حتى يتشجع المستثمر الاجنبي على القدوم الى تونس وبعث مشاريع ذات طاقة تشغيلية عالية .
ثانيا الاصلاح الهيكلي للاقتصاد التونسي والسعي الى تجميد الاسعار وتغيير بعض القوانين التي تكبل المبادرات الخاصة لبعث المشاريع. ثالثا الكف عن الاضرابات والاحتجاجات حتى ولو كانت مشروعة والانكباب على العمل وان يقتدي التونسي بعدد من الدول الاوروبية التي دمرت خلال الحرب العالمية الثانية واستطاعت النهوض باقتصادها بواسطة العمل والكد لا بالتناحر على المناصب السياسية وتقسيم الكعكة بين الاحزاب السياسية كما يحدث في تونس الان .