طالبت المحامية الفلسطينية والقيادية البارزة في حركة «فتح» السيدة فدوى البرغوثي في لقاء خاص مع جريدة «الشروق» السلطة الفلسطينية بالتحرّك دوليا ومراجعة موقفها من موضوع المفاوضات مع الاحتلال الاسرائيلي بعد اغتيال الأسير عرفات جرادات. السيدة فدوى البرغوثي، زوجة المناضل الأسير مروان البرغوثي توقعت ايضا في هذا الصدد انفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد الاحتلال. وفي ما يلي هذا الحوار:
بداية، ما توصيفك، أستاذة فدوى لجريمة اغتيال الأسير عرفات جرادات، كقيادية في حركة فتح، وكمحامية فلسطينية؟
هذه جريمة جديدة تنضاف الى سجل الاحتلال الاسرائيلي الذي قتل الى حد الآن 203 أسرى فلسطينيين في سجونه التي يقبع فيها 800 ألف معتقل فلسطيني.. واستشهاد عرفات جرادات هو في الحقيقة انعطافة خطيرة تدلّل على حجم الجرم والصلف الاسرائيليين.. وتؤكد ان هذا الاحتلال لا يعير وزنا للقوانين الدولية والانسانية.
لكن إسرائيل لم تعترف الى حد اللحظة بجريمتها... وهي تزعم أن «جرادات» توفي نتيجة أزمة قلبية؟
هذه رواية فاضحة وكاذبة ذلك ان المعلومات التي بحوزتنا من الأطباء تؤكد ان الشهيد تعرض الى تعذيب جسدي وأن قلبه كان سليما... كما أن آثار التعذيب كانت واضحة وبادية للعيان.
اليوم، بعد أشهر من الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في المنتظم الأممي... هل تفكّرون في التوجه الى المؤسسات الدولية لمحاكمة إسرائيل على جريمتها هذه وما سبقها؟
نعم من حق الفلسطينيين التوجه الى المؤسسات الدولية لمحاكمة كيان الاحتلال... لكن حتى بعد قرار الاعتراف بدولة فلسطين في الأممالمتحدة هناك اجراءات يجب أن تبادر القيادة الفلسطينية الى اتخاذها حتى يصبح بإمكانها التحرّك في هذا الاتجاه والتوجه الى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة الاحتلال على جريمة اغتيال الأسير جرادات وغيره.... وهذه الاجراءات تتمثل تحديدا في الانضمام الى المؤسسات الدولية واتفاقيات جنيف وهذا الموضوع يجب أن تتم دراسته على أعلى مستوى من قبل رجال القانون والخبراء العرب والدوليين.. نعم نحن حصلنا على العضوية في الأممالمتحدة... ولكن هذا لا يكفي ويحتاج الى دراسة معمّقة.
كيف ستتعاطون مع ملف الأسرى الفلسطينيين في المستقبل، حتى لا يلقوا مصير «جرادات»؟
إن قضية الأسرى هي قضية سياسية بالأساس... فالأسرى هم مقاومون شرعيون للاحتلال.. والأسير عرفات جرادات هو من أبناء حركة فتح ولمن لا يعرف، أكثر من 52٪ من الأسرى الفلسطينيين هم من أبناء فتح... وهذا لا يعني أننا نميّز بين الأسرى... لأن هذه القضية هي محل إجماع خاصة أن هؤلاء القادة الأبطال هم من خطّوا وثيقة الأسرى للوفاق الوطني ووضعوا خطة أجمعت على برنامج سياسي ونضالي ولذلك نحن لا نميّز ولكن فتح عليها مسؤوليات كبرى وطالما هي في الحكم فعليها المسؤولية الأكبر.
... كما أن على الفصائل الوطنية والإسلامية مسؤولية كبرى لوضع العالم أمام مسؤولياته إزاء هذه القضية وخصوصا في ما يتعلق بموضوع الأسرى المضربين والذين تسوء أوضاعهم يوما بعد يوم..
هناك توجه رسمي فلسطيني هذه الايام للعودة الى طاولة المفاوضات مع الاحتلال... هل مازلتم مصرّين على هذا التوجه؟
إن الشعب الفلسطيني جرّب المفاوضات منذ 20 عاما، فمنذ مدريد والاحتلال يتغوّل من خلال القتل والتدمير والاستيطان ولذلك، ما هو مطلوب اليوم هو تغيير النهج والطريقة وعدم التوجه الى المفاوضات قبل الافراج عن الأسرى الفلسطينيين وانسحاب الاحتلال من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967.
هناك من يطرح هذه الايام سيناريو «انتفاضة ثالثة» كأحد الخيارات التي قد يلجأ اليها الشعب الفلسطيني في الضفة في مواجهته مع هذه الاحتلال... ما مدى رجاحة مثل هذا الاحتمال؟
نحن نقول إن الانتفاضة دائما لها ظروف وبيئة معينة يمكن أن تنطلق فيها... والشعب الفلسطيني يعيش اليوم في ظروف صعبة جدّا لم يسبق له أن عاشها ولذلك فإن الضغط الاسرائيلي المتواصل وانغلاق الأفق أمام شعبنا يجعله يشعر باليأس وفقدان الأمل بأي شيء اسمه مفاوضات.
وهذه الظروف اعتقد ان هناك مناخا مهيأ لانفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة في اي وقت... طبعا لا أحد يستطيع ان يتنبأ بذلك اليوم ولكن الظروف الفلسطينية تبدو مهيأة لذلك... هذه أجواء تدفع الى حراك يهيئ لانتفاضة كبيرة وشاملة ضد الاحتلال الذي لن يستطيع مهما فعل ومهما قتل أن يثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة نضاله من أجل استقلاله.