تدعمت المعطيات التي نشرتها جريدة «الشروق» يوم الأحد الماضي حول ايقاف قاتل الشهيد شكري بلعيد كمال القضقاضي بجهة الكاف بالموقف الذي قدمته عائلة الشهيد وحزب الوطد. هيئة الدفاع عن ملف الشهيد شكري بلعيد طالبت السلطات القضائية التعامل بجدية مع ما جاء في جريدة «الشروق» وهو خيط يمكن أن يكشف الجهة الحقيقية وراء عملية اغتيال. أكدت هيئة الدفاع أن «الشروق» عرفت بمصداقيتها وبمتابعتها المكثفة والمواكبة لآخر المستجدات بخصوص هذا الملف كما أنها كانت الأولى في الكشف عن آخر تفاصيل ومعطيات هذه القضية.بل إن هيئة الدفاع استغربت عدم تكذيب قاضي التحقيق لهذه المعطيات الخطيرة علنا والاكتفاء بتكذيبها أمام المحامين وهو ما يطرح عدة نقاط استفهام.
هيئة الدفاع أيضا والملاحظون والمتابعون لقضية الشهيد شكري بلعيد استغربت رد السلطات الجزائرية الذي جاء متأخرا بعد يومين من نشرنا للمقال مقارنة بردها على تصريحات الأستاذ فوزي بن مراد خلال الندوة الصحفية التي عقدت مؤخرا والتي سارعت السلطات الجزائرية بنفي ما جاء على لسانه في غضون دقائق وهو ما يطرح عدة تساؤلات .
الرأي العام كان أيضا قد تفاعل مع المعطيات التي نشرتها «الشروق» من خلال المواقع الاجتماعية والذي لم يستبعد صحة المعلومات التي نشرناها والتي يمكن أن تساعد السلطات القضائية على اماطة اللثام عن قضية الشهيد شكري بلعيد.
معلومات «الشروق» خيط مفيد
الأستاذ نزار السنوسي الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع أكد أن كاتبة المقال متمسكة بأقوالها منذ البداية والى حد هذه اللحظة وهذا ما لا يفقدنا الثقة فيها. مؤكدا أن هيئة الدفاع لا تشكك في صدقية الصحفية ولا في نزاهتها وانما عملها كان بناء على قيامها بأبحاث انتهت الى الوصول الى تلك المعطيات والتي قال عنها إنها لا تستبعد من قبل فريق الدفاع.
من جهة أخرى قال الأستاذ السنوسي ان قاضي التحقيق المتعهد بالابحاث رفض تكذيب المعطيات التي نشرت على اعمدة جريدة «الشروق» علنا بل أكد أن النيابة هي التي «ستتصرف» التي قامت باستدعائها للمثول أمامها للتحرير عليها على سبيل الاسترشاد.
كما طالبت هيئة الدفاع من قاضي التحقيق التعامل بجدية مع المعطيات التي كانت نشرتها جريدة الشروق خاصة أنها تدعمت بموقف وتصريحات عائلة الشهيد التي أفادت أن ما نشر صحيح مائة بالمائة وأن هناك مصادر اتصلت بهم وأكدت أن القاتل في قبضة الجهات الأمنية .كما طالبت قاضي التحقيق بالاستماع الى شهادة الزميلة لتبيان الحقيقة والوصول الى معطيات اضافية يمكن أن تنير العدالة.
وفي تعليقه على موقف وزير الداخلية الجزائري قال الاستاذ نزار سنوسي أنه جاء متأخرا وصدر عن وزارة الداخلية وليس وزارة الخارجية علما أن وزير الداخلية كان قد نفى خبر تسليم عناصر أمنية جزائرية للقاتل وهو خارج الجزائر وكان موجودا بالإمارات.
الداخلية لم تقنع
وتعليقا على ما جاء بتصريح رئيس الحكومة علي العريض الذي كذب ما نشر بجريدة «الشروق» قال الأستاذ محمد الهادي العبيدي إن قاضي التحقيق هو الجهة الوحيدة التي يمكن ان تنفي الخبر وهو الوحيد الذي يسمع ويأذن بالأبحاث التكميلية دون توان كلما تعلق بمعطيات جديدة بالملف.
وعليه أن يبحث ويمحّص في المعطيات الجديدة في الملف ملاحظا أن ملف شكري بلعيد وهو ملف اغتيال سياسي وظفت فيه أجهزة الدولة وقاضي التحقيق ليس لديه الامكانيات اللازمة. واستغرب الاستاذ العبيدي من ردة فعل رئيس الحكومة وتكذيبه يصب الزيت على النار.
ومنذ انطلاق الابحاث كان دور وزارة الداخلية متخاذلا وكانت ترنو الى توجيه الابحاث مضيفا ان موقف وزارة الداخلية لا يستشف منه الحرص على كشف الحقيقة . ووصف تصريحات رئيس الحكومة بغير المقنعة وترسخ قناعة بوجود المتهم الرئيسي كمال القضقاضي الملقب بشكري في قبضة السلطات الأمنية التونسية.
وأضاف الاستاذ العبيدي أن الانفعال الصادر عن السلطة الأمنية يطرح عديد التساؤلات فهناك اضطراب وعدم وضوح الرؤية في موقفها وتسأل لماذا لا يتقيد قاضي التحقيق بالابحاث . تصريح رئيس الحكومة حسب الاستاذ العبيدي تصريح غير ايجابي وينم عن اضطراب في الموقف فالسلطة تلجأ الى ردود فعل فقط ولا غرابة ان يكون القاتل بايدي الجهات الامنية. بالتالي تصبح الادارة الامنية غير محايدة وغير حازمة وتقع تحت تاثير السلطة السياسية وكل السيناريوهات ممكنة. وصرح الاستاذ العبيدي أن حكومة «الترويكا» تبقى مسؤولة باعتبارها لم توفر الحماية ولم تتخذ أي موقف عملي من السلفية الجهادية.
لا دخل لرئاسة الحكومة
من جانب آخر قال الأستاذ فوزي بن مراد إن المعطيات التي أوردتها جريدة الشروق» هي شبيهة بما ذكرته في الندوة الصحفية التي عقدت بتاريخ 22 فيفري الماضي وأنه وصلته معلومات مطابقة لما انفردت بنشره الشروق مستنتجا أن فرضية ايقاف القاتل والتستر على الامر وعدم الاعلان عنه وارد جدا مضيفا أنه عوض أن يقع تكذيبها من أي جهة كانت كان المفروض أن يقع التحري في تلك المعطيات والبحث فيها بجدية خاصة أنها منطقية ودقيقة ومطابقة لملابسات الواقعة مؤكدا أن هذه المعلومات يمكن أن تخدم الابحاث وتدفع نحو الحقيقة خاصة أنها شهدت ركودا خلال هذه الفترة ولم تتطور داعيا الى التعاطي مع ما نشر بجريدة الشروق بجدية حتى نصل الى الكشف عن تفاصيل وخيوط كامل هذه العملية الاجرامية.
واستغرب الاستاذ فوزي بن مراد كيف أن القضاء هو المتعهد بالأبحاث والتحقيقات ويقع الرد على الخبر من طرف جهة لا دخل لها بالملف مؤكدا أن رئيس الحكومة لا دخل له في الابحاث والاستخلاصات المتعلقة بالقضية . وأضاف بن مراد أنه في حقيقة الأمر أن الصحافين والاعلاميين يبذلون جهودا كبيرة لمعرفة الحقيقة وانارة الرأي العام في قضية الشهيد شكري بلعيد في حين أن الجهات المعنية بالبحث والتحقيق تخلت عن دورها لفائدة الاعلام الذي تقلد هذه المهمة بكل أمانة وشجاعة.
هيئة الدفاع تتمسك بسماع شهادة كاتبة المقال
تمسكت هيئة الدفاع بضرورة الاستماع الى شهادة كاتبة المقال التي أعربت عن استعدادها للإدلاء فقط بتصريحاتها لدى قاضي التحقيق المتعهد بالأبحاث الا أن هذا الأخير رفض ذلك وقال إنه لا موجب لسماعها وهو ما دعا بهيئة الدفاع الى التأكيد بأنها ستتقدم بمطلب الى قاضي التحقيق قصد سماعها بخصوص المعطيات التي نشرتها وهو أمر قالت عنه هيئة الدفاع إنه يمكن أن يساعد السلطات القضائية.
أما الأستاذ الناصر العويني أشار بدوره الى اثارته لموضوع القمر الاصطناعي الموجه لمراقبة الحدود التونسية الجزائرية وقد يكون ذلك القمر قد رصد فعلا تحركات كمال القضقاضي.
كما لاحظ عدد من المتابعين لقضية الشهيد شكري بلعيد أن عودة عمليات التمشيط بصورة مكثفة بمناطق الشمال الغربي بعد توقفها بشكل مفاجئ يوحي ويؤكد أن القاتل في قبضة السلطات الامنية خاصة أن عمليات التمشيط والبحث عادت بعد نشر جريدة «الشروق» للخبر وهو ما يطرح عدة نقاط استفهام.
وقد اعتبرت هيئة الدفاع أن رد وزارة الداخلية جاء مرتبكا وأن وزير الداخلية لم يطلع الراي العام حول نتائج عمليات البحث والتمشيط بل اقتصر دوره على التكذيب والنفي في حين أن الرأي العام وهيئة الدفاع الدفاع تنتظر منه اجابة عن مكان قاتل الشهيد شكري بلعيد.
ويشار الى أن حزب الوطد وعائلة الشهيد شكري بلعيد وعلى خلفية ما نشرته جريدة «الشروق» أصرا على احالة ملف القضية للمفوضية العليا لحقوق الانسان وجددت اتهامها لوزارة الداخلية بعدم التعامل بجدية مع الملف.