في حسابات السياسة بإمكاننا القول أن الحكومة الجديدة ارتكبت خطأ جسيما بإعلانها الحرب على واحدة من قلاع الرياضة في تونس فوراء النادي الافريقي ملايين التونسيين من كل الطبقات الشعبية والأطياف السياسية. من هذا المنطلق التلويح بتجميد نشاط هذه المدرسة الرياضية والتربوية هو تهديد صريح بشطب جزء أصيل من تاريخ الرياضة التونسية تقديرنا الشخصي أن حكومة السيد علي العريض تورطت في معركة ليست معركتها إذ لا يوجد خلاف بينها وبين سليم الرياحي مباشرة وانما يوجد خصام بين هذا الأخير ورئيس الجمهورية والواقفون وراءه من المستشارين الذين لم يقبلوا (دائما حسب تقديرنا) ما صرّح به الرياحي حول عدم أهلية المرزوقي للرئاسة وضرورة انسحابه من الحياة السياسية والانكباب على كتابة مذكراته.
بمنطق السياسة لم يخرج كلام سليم الرياحي عن العرف والتقاليد ولم يتضمن اي نوع من أنواع الإهانة او التقليل من شأن رئيس الجمهورية لكن كون هذا الكلام صدر عن رئيس أحد أكثر الأندية شعبية في تونس فإن له وزنا وقيمة وتأثيرا وبالتالي فهو يشكل مصدر ازعاج شديد لرئيس الجمهورية الذي لا تخفى على أحد رغبته الشديدة في التمسك بالكرسي والبقاء في قصر قرطاج.
منطق المكيالين
في عددنا الصادر أمس أشار الزميل فرج الفجاري الى منطق المكيالين في التعامل مع هذا الملف فالحكومة اكتفت بإصدار مذكرة حول رئيس الافريقي سليم الرياحي ولم تنتبه الى أن هناك مسؤولين آخرين في مثل وضعيته على رأسهم رئيس نادي حمام الانف عادل الدعداع المنتمي لحركة النهضة وكذلك مهدي بن غربية رئيس النادي البنزرتي المنتمي للتحالف الديمقراطي وبالتالي كان من المفروض أن تشمل مذكرة الكاتب العام للحكومة الرئيسين المذكورين وأن لا يقحم طارق ذياب نفسه في هذه «المعركة» التي لا تعنيه أصلا والتي تكتسي الكثير من المصلحية الضيقة دون اعتبار افتقاد توجّه الحكومة نحو فرض علويّة القانون في هذه النقطة بالذات الى المصداقية.
بعيدا عن ذلك أجمع أبرز المختصين في القانون الرياضي على أن مذكرة الحكومة لا تعني رئيس الافريقي ومن هو في مثل حالته وهذه أيضا هفوة جسيمة ما كان للحكومة أن ترتكبها وهي المتكئة على مئات القانونيين والمتضلعين في التشريع الرياضي والاداري.
النهضة ومأزق المؤتمر
في الجانب السياسي من هذا الموضوع يمكن القول أن حركة النهضة سقطت دون أن تدري في فخ المؤتمر من أجل الجمهورية الساعي الى ردّ الاعتبار لرئيسه ورمزه الابرز الدكتور منصف المرزوقي وكان حريّا بها التريّث وعدم الانسياق وراء منطق تصفية الحسابات لأنه بوّابة الديكتاتورية ولو أن هناك من يتحدث أيضا عن حسابات خاصة بالحركة في ملف سليم الرياحي.
في كل الأحوال مذكرة الكاتب العام للحكومة تشكل انزلاقا مقلقا نحو ممارسات غير ديمقراطية وغير بناءة بقطع النظر عن شخصية سليم الرياحي المثيرة للجدل مع التأكيد على أن التداعيات قد تكون خطيرة ان لم تغلق الحكومة هذا الملف بالسرعة المطلوبة.