مثّل الساحل التونسي نقطة ارتكاز مهمة لحركة التحرير الوطني منذ انتصاب الحماية الفرنسية وصولا إلى معركة التحرير وحصول البلاد على الاستقلال في 20 مارس 1956. الساحل كان شاهدا على عدة أحداث في تاريخ الحركة الوطنية وقدّم للبلاد رجالا قادوا معركة التحرير وكان لهم دور بارز في مقاومة الاستعمار وحصول البلاد على الاستقلال.
ويُعد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة أحد أبرز قادة معركة التحرير الوطني حيث أسّس الحزب الحر الدستوري الجديد في 2 مارس 1934 عقب مؤتمر قصر هلال.
وفي مارس 1945 قرر بورقيبة السفر إلى المنفى الاختياري بالقاهرة وزار من هناك الولاياتالمتحدة قبل أن يعود إلى تونس في 8 سبتمبر 1948 وسافر من جديد إلى فرنسا سنة 1950 ليقدم مشروع إصلاحات للحكومة الفرنسية قبل أن يتنقل بين القاهرة والهند واندونيسيا وإيطاليا وبريطانيا والولاياتالمتحدة والمغرب ليعود إلى تونس في 2 جانفي 1952 معلنا انعدام ثقة التونسيينبفرنسا.
ولما اندلعت الثورة المسلحة التونسية في 18 جانفي 1952، اعتقل الزعيم الحبيب بورقيبة وزملاؤه في الحزب وتنقل بين السجون في تونسوفرنسا ثم شرعت فرنسا في التفاوض معه فعاد إلى تونس في 1 جوان 1955 ليستقبله الشعب استقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في 3 جوان 1955 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي. وفي 20 مارس 1956، تم توقيع وثيقة الاستقلال التام وألف بورقيبة أول حكومة بعد الاستقلال.
معارك خالدة
وشهد الساحل خلال تلك السنوات التي سبقت الاستقلال عدة محطات نضالية سياسيا ونقابيا من بينها أحداث النفيضة يوم 21 نوفمبر 1951 حين أقدم الاستعمار الفرنسي على مهاجمة العملة المضربين التابعين لهنشير النفيضة مستعملا في ذلك القنابل المسيلة للدموع ومؤخرات البنادق ممّا أدى إلى إصابة عدد كبير من العمال. وفي ذلك اليوم توجه الزعيم فرحات حشاد الى مكان الحادث لكن قوات الشرطة اعترضت سبيله وأوقفته في مدينة بوفيشة وسلمته مذكرة صادرة عن المراقب المدني بسوسة تحجر عليه دخول النفيضة.
وشهد ذلك اليوم حصول مجزرة استشهد فيها 5 مواطنين وجرح فيها العشرات وانتهت المجزرة باعتقال 161 شخصا منهم 50 امرأة.
وبعد شهرين اندلعت معركة طبلبة يوم 23 جانفي 1952 وقد شكلت هذه المعركة التي تعرف بمعركة المجد حدثاً بطولياً فريداً ومفصلياً في تاريخ الكفاح الوطني حيث نجم عنها عرض ملف القضية التونسية في الأممالمتحدة.