قبل رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كما كان متوقعا، وطلب من حكومته تصريف الأعمال، حتى تشكيل حكومة جديدة وسط مخاوف من انزلاق لبنان الى منعرج خطير. ويبدو أن لبنان دخل بعد هذه الخطوة التي أقدم عليها ميقاتي إلى ما يشبه حالة من تصريف الأعمال طويلة الأمد، لاسيما في ظل انسداد أفق أي تسوية محتملة بين طرفي النزاع السياسي في لبنان، أي ما يعرف بقوى 14 آذار التي تضم الحريري وحلفاءه المسيحيين من جهة وقوى 8 آذار المتشكلة من حزب الله وحلفائه السياسيين. وفي حال تم الاتفاق على حكومة جديدة فمن المستبعد أن تأتي على الشكل التي ألفت به حكومة ميقاتي، أي من قوى 8 آذار والوسطيين أي ميقاتي والنائب وليد جنبلاط ومن يمثل رئيس الجمهورية.
ويبقى الخيار محصورا بين فرضيتين؛ إما حكومة إنقاذ مؤلفة من كافة القوى السياسية، وهنا تواجهها مشكلة من سيرأسها، وإما حكومة تكنوقراط، بحسب ما يرجح العديد من الأوساط اللبنانية.
وفي الحالتين، وبانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، يبقى لبنان أمام حالة من الفراغ السياسي والأمني على السواء، لاسيما وسط عدم الاتفاق على التمديد للواء أشرف ريفي على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي، وفي ظل ما تشهده طرابلس في شمال لبنان من اشتباكات تتجدد بين الحين والآخر بين جبل محسن وباب التبانة، في انعكاس خطير لما يجري في سوريا.
وزاد الوضع الاجتماعي وضغط الشارع لإقرار سلسلة الرتب والرواتب من حدة الأزمة، إلى جانب مسألة الانتخابات النيابية والاتفاق على قانون يرضى مختلف القوى السياسية في لبنان.
وكان ميقاتي تقدم باستقالة حكومته أمس الاول الجمعة، قائلا: «إنها أتت بسبب خلافات حول قانون الانتخابات البرلمانية، وخوفا من وقوع مؤسسة أمنية كبيرة في حالة فراغ، وأكد ميقاتي في كلمته للشعب اللبناني أن «خلاص لبنان يكون من خلال الحوار وتشكيل الحكومة».
وأضاف موضحا أن الاستقالة راودته مرتين، مرة أثناء تشكيل لجنة تحقيق في مقتل الشهيد رفيق الحريري، ومرة بعد مقتل الشهيد وسام الحسن. يذكر أن ميقاتي عين رئيسا للوزراء في 2011 بعد أن أسقط حزب الله الشيعي وحلفاؤه حكومة الوحدة الوطنية التي كان يقودها سعد الحريري.
من جهة اخرى تجددت الاشتباكات امس في طرابلس بعد ما أوقعت في يومين ستة قتلى بينهم عسكري لبناني, بينما يوسّع الجيش انتشاره في المدينة. واكدت مصادر اخبارية أن شخصين أصيبا في تبادل لإطلاق النار بين حيي التبانة وجبل محسن رغم تحذيرات الجيش أمس الاول من أنه سيتعامل بصرامة مع المتورطين في العنف.
وكانت حصيلة الاشتباكات بين مسلحين من منطقة جبل محسن العلوية المؤيدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد, ومنطقة باب التبانة المناهضة له قد ارتفعت إلى ستة قتلى بعد مصرع جندي لبناني أمس, بالإضافة إلى إصابة ثلاثين آخرين من بينهم خمسة عسكريين..