شيّع عشرات آلاف السوريين جثمان شهيد العلم والزهد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في العاصمة دمشق بمشاركة لفيف من رجال الدين الشيعة والمسيحيين وسط دعوات إلى إطلاق المصالحة الوطنية الشاملة. أقيمت في الجامع الأموي بدمشق أمس مراسم تشييع جثمان العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رئيس اتحاد علماء بلاد الشام وحفيده بحضور شعبي ورسمي وديني كبير.
الشيخ محمد توفيق البوطي نجل العلامة الراحل قال في تأبين والده «عزاؤنا أنك مضيت شهيداً على المبادئ التي نذرت حياتك من أجلها، ونحن على عهدك يا أبتاه في سبيل الرسالة التي نذرت نفسك لها».
دعوة إلى المصالحة الشاملة
أما مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون فقال في كلمة له أثناء التشييع «أرسل نداءً إلى العالم الإسلامي والعربي أقول لهم: تعالوا لإنقاذ سوريا من حرب عالمية شنت عليها لأنه إذا سقطت سوريا سقطتم جميعاً.. ولن تكون هناك لا قيمة ولا قمة عربية».
ودعا المفتي حسون الرئيس السوري بشار الأسد إلى تبني دعوة العلامة البوطي إلى المصالحة. وبدوره قال المطران لوقا الخوري النائب البطريركي العام للروم الارثوذكس «قتلوا العلامة البوطي لأنه يعلم كلمة الحق ولا يعرف إلا الحق، وهو لم يكن للإسلام فقط بل كان كلمة محبة وسلام».
وأضاف «أقول لأوباما: ليست إسرائيل قوية.. نحن الأقوياء بإيماننا ومحبتنا لأرضنا ولو تعطي إسرائيل كل ما عندك من أدوات الحرب لكن بايماننا وحبنا لأرضنا لن نسقط أبداً، وستبقى راية سوريا مرفوعة خفاقة لأنها قوية».
وكان انتحاري فجر نفسه في مسجد الإيمان الواقع في حي المزرعة بدمشق، أثناء تقديم العلامة البوطي لدرس ديني معتاد، مما أدى إلى مقتل الشيخ البوطي مع حفيده و48 آخرين، بالإضافة إلى جرح العشرات.
مواقف منددة بالاغتيال
وتتالت المواقف المنددة باغتيال الشهيد البوطي حيث اعتبر مفتي مصر السابق علي جمعة أن البوطي «عاش حميدا ومات شهيدا فدل بحياته علي ظلم الظالمين وطغيان الطاغين ودل بمماته على الخارجين المارقين والظلمة الفاسقين». ومن جهته , اعتبر حسن فرحان المالكي، الباحث السعودي في الشؤون الشرعية والتاريخ، أن مسؤولية اغتيال البوطي تعود إلى فتاوى بعض من وصفهم ب«الغلاة من العلماء».
بدوره , قال الداعية السلفي السوري عدنان العرعور إن «البوطي ذهب إلى ربه وإلى أعدل العادلين، ونحن أهل السنة والجماعة لا نحكم على أحد بجنة أو نار وليس من شيمنا الشماتة بأحد».
من جهة أخرى تبرأ التيار السلفي في الأردن من حادثة اغتيال البوطي، محملاً السلطات السورية المسؤولية عن ذلك. ونعى اتحاد القوى الصوفية وتجمع آل البيت في مصر البوطي بعد اغتياله.
كما دان مفتي لبنان محمد رشيد قباني عملية الاغتيال واصفا إياها بالعمل الإجرامي. ويذكر أن العلامة البوطي هو رئيس اتحاد علماء بلاد الشام، ويعتبر من أهم المراجع الدينية في العالم الإسلامي حيث تدرس كتبه الدينية والفلسفية في الجامعات والمعاهد الإسلامية، وله أكثر من 60 مؤلفاً، وقد أعلنت وزارة الأوقاف السورية أمس السبت يوم حداد رسمي في سوريا.