الساعة، تشير الى الواحدة، بعد منتصف النهار، من يوم أمس السبت 6 أفريل 2013، المحامي المعروف، فوزي بن مراد، يصارع أزمة قلبية حادة، بعض الدقائق في مستشفى قرمبالية، لم تمهله لتوديع صغيريه، وزوجته فادية، رحل بن مراد، تاركا مسيرة حافلة بالنضالات والدفاع عن القيم النبيلة. كان يتابع أعمال مكتبه، في مكتب زوجته فادية، العدل منفذ بمدينة قرمبالية، قبل أن تباغته آلام تعوّدها، فالرجل يعاني من مرض القلب، توجه، بسرعة، بسيارته، الى مستشفى قرمبالية، غير البعيد عن مكتب زوجته، كان كلما اقترب الا وزادت الامه، لم يوقفه الا باب بهو المستشفى، ولو كان بالامكان الدخول الى غرفة الانعاش لفعل.
الاطباء والممرضرن يعرفون مريضهم جيدا، فقد جاءهم يطلب الاسعاف، تم بسرعة نقله لانعاشه، لكن حالته تعكّرت، فقرروا التوجه به الى مستشفى نابل، لكن الموت كان أسرع. المحامي والمناضل والحقوقي فوزي بن مراد انتقل الى جوار ربّه.
بعد ابلاغ وكيل الجمهورية بمحكمة قرمبالية والسلط المعنية، تم الاذن بنقله الى مستشفى الطاهر العموري، بنابل، حيث تم تشريح جثته، وقد أفادت النتائج الأولية تعرّضه لازمة قلبية حادة، في انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحاليل والاختبارات البيولوجية.
حضر زملاؤه وأصدقاؤه وعدد كبير من المواطنين في المستشفى، كما كان الحضور الأمني مكثفا، بكاه رفيق دربه عبد الناصر العويني، بكاه زملاؤه من المحامين، ومن القضاة، بكته بسمة أرملة الشهيد شكري بلعيد،... بعد شهرين من اغتيال بلعيد، رحل فوزي بن مراد، المحامي الذي كان دائما موضوع جدل، لم يكن حضوره في أي مكان عاديا.
ولد فوزي بن مراد في 27 جويلية 1964 بمدينة سليمان من ولاية نابل درس بها في الابتدائي والثانوي، ثم انتقل للدراسة بكلية الحقوق بتونس، كان ناشطا متمرّدا على كل الهياكل والتنظيمات كان يعبّر عمّا يفكّر فيه في جريدة حائطية، على ورق كبير يلصقه على جدران الكلية، وكان يسمي نصوصه تحت عنوان « بالحبر الأحمر»، التحق بالمحاماة اول التسعينات، كان معجبا بالمرحوم عيد الرحمان الهيلة.
شغل فوزي بن مراد منصب الكاتب العام للجمعية التونسية للمحامين الشبان، كان صديقا مقربا للعميد منصور الشفي.
دافع عن جل الفاعلين السياسين اليوم بداية من الدكتور المنصف المرزوقي، ومحمد عبو حمة الهمامي وشكري بلعيد ورابطة حقوق الانسان والاتحاد العام التونسي للشغل وجمعية القضاة اثناء محنتها مع بن علي .... اضافة الى قضايا الحوض المنجمي والطلبة والنقابيين... خاض بن مراد معركة استقلالية هياكل مهنته، وخاض معركة استقلالية جمعية المحامين الشبان مع الأساتذة بشير الطرودي ونجاة اليعقوبي ويوسف لحمر ويوسف الرزقي في عهد رئاسة شوقي الطبيب، أسس ما يعرف بتيار الدفاع عن الدفاع، تم سجنه سنة 2005 بعد مرافعة قدمها دفاعا عن زميله محمد عبو الذي تم سجنه، فوزي بن مراد أثارت ضده النيابة العمومية الدعوى عندما كان يترافع في قضيّة بمحكمة قرمبالية، ترأس لجنة الدفاع عن صدام حسين، بعد اعتقاله من قبل المحتل الامريكي، ترأس لجنة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد، قبل أن يدخل في خلاف مع هيئة الدفاع، بسبب تصريحات مثيرة للجدل حول تورط شخصية سياسية تونسية في ادخال ثلاثة من الجزائر لتنفيذ عملية الاغتيال.
توفي بن مراد بعد شهرين من اغتيال بلعيد، الذي تدرّب في مكتبه بنهج ابن خلدون وسط العاصمة، رحلته، لم تنته، مات جسدا، لكن مازال يتحرّك فكرا ومواقف لسنوات.