شيعت أمس المحاماة التونسية أحد رموزها المحامي فوزي بن مراد إلى مثواه الأخير بمقبرة سليمان. في كنف الحزن العميق على فقدان محام وحقوقي بوزن بن مراد. «الشروق» واكبت جنازة الفقيد لحظة بلحظة. شيعت أمس المحاماة التونسية أحد رموزها المحامي فوزي بن مراد إلى مثواه الأخير بمقبرة سليمان. في كنف الحزن العميق على فقدان محام وحقوقي بوزن بن مراد. «الشروق» واكبت جنازة الفقيد لحظة بلحظة.
تونس الشروق: توافد منذ الصباح الأصحاب والأحباب على منزل الفقيد بجهة سليمان الشاطئ لتقديم التعازي والمواساة لعائلته. وقد خيمت أجواء الحزن والأسى على كامل أرجاء المنزل وكل من التقيناه كان يرثي الفقيد ويتذكر محاسنه. مات فوزي بن مراد... رحل المحامي الشجاع والجريئ هكذا رددت أمس إحدى أقارب الفقيد. وحتى من لم تكن له معرفة مسبقة به حضر لتقديم التعازي. كيف لا وقد ملأت صورته المحطات التلفزيونية وشغل الناس بجرأته اللامعهودة.
الساعة تشير إلى الثانية بعد الزوال أدخل اثرها الفقيد إلى الجامع الكبير بمدينة سليمان وبقي الحاضرون في محيط الجامع. كانت الأعداد الغفيرة من محامين وقضاة وسياسيين وحقوقيين وحتى المواطنين العاديين يتحدثون عن موت المناضل فوزي بن مراد الفجئي وعلامات الدهشة بدت على وجوههم. فبالامس كان بينهم يصول ويجول في المحاكم واليوم يغادرهم دون وداع. لكن يدركون في الأخير انها تلك مشيئة الله. الكل كان يسترجع ذكرياته مع الفقيد وآخر لقاء جمعه به. وآخر مكالمة هاتفية بينهما.
انتهت صلاة العصر فتهيأ الحاضرون لتوديع زميلهم ورفيقهم إلى مثواه الأخير وحتى النسوة سجلن حضورهن بموكب الجنازة. خطوات ووصل جثمان الفقيد إلى المقبرة وقد كان ملفوفا بالعلم الوطني . بالأمس خرجت جهة سليمان عن عاداتها إذ جمعت الجنازة بين الرجال والنساء تتقدمهم أرملة الفقيد. الكل أراد أن يلقي نظرة أخيرة على أحد أبرز الوجوه الحقوقية التي دافعت عن الحق دون مقابل. ثم تولى الأستاذ عبد الفتاح مورو تأبين الفقيد بن مراد وقال رغم اختلاف الأفكار والتوجه إلا أنه جمعته بالفقيد علاقة محبة واحترام. وأكد أن الفقيد كان من بين المدافعين عن الحرية وعن كلمة الحق. وقال انهم يستودعون أحد المساعدين على إعلاء راية الحرية.
أرملة الفقيد..كان بصدد إعداد ملف لشكري بلعيد
رغم هول الصدمة تمالكت نفسها وتحدثت ل «الشروق» عن اللحظات الأخيرة من حياة زوجها. تقول السيدة فادية (عدل منفذ) أن يوم الواقعة غادر الفقيد منزله باتجاه مكتبها بجهة قرمبالية لملاقاة بعض الحرفاء ولم تدم المقابلة طويلا حتى هاتفها واعلمها انه يشعر بتوعك صحي وقد نصحته بالذهاب إلى الصيدلية المجاورة. إلا أن الأمر استوجب نقله إلى المستشفى المحلي بقرمبالية أين لفظ أنفاسه الأخيرة. وقد أثبت التقرير الطبي أن الوفاة كانت جراء تعرضه لنوبة قلبية حادة. تواصل محدثتنا قولها.. «فوزي لم يكن مجرد زوج فقط بل اعتبره أحد أبنائي ولا أتصور حياتي من دونه هو كل شيء بالنسبة لي» تتنهد قليلا ثم تعود للحديث وتقول «فراق الشهيد شكري بلعيد أثر كثيرا في نفسية زوجي وفي الأيام الأخيرة كان شديد التوتر وقد كان بصدد إعداد ملف جديد للقضية كان حريصا كل الحرص على الوصول إلى الحقيقة».
حمة الهمامي.. خسارة كبيرة للجميع
صرح الناطق الرسمي للجبهة الشعبية حمة الهمامي ل «الشروق» أن تونس خسرت في ظرف شهرين رمزا أخر من رموز الحركة الديمقراطية كما خسرت مناضلا من مناضلي الجبهة الشعبية. وفقدان فوزي بن مراد يمثل خسارة كبيرة للجميع من فقراء ومظلومين وللحركة الحقوقية والسياسية. اضاف الهمامي أن حياة الفقيد كانت مليئة بالنشاط والاتعاب والآلام والضغوط.وقال «سنظل أوفياء له وللقيم التي نذر لها حياته طالبا ومحاميا وكاتبا».
القاضي فرحات الراجحي «خسارة للمحاماة»
قال القاضي ووزير الداخلية الأسبق فرحات الراجحي ل «الشروق» أنه بموت المحامي فوزي بن مراد خسرت المحاماة أحد اعلامها. فهو عنصر فاعل في ذلك الهيكل. لما يتميز به من شجاعة وجرأة. واستحضر السيد الراجحي ردة فعل الفقيد خلال قضية حل حزب التجمع وكيف كان مستميتا في الدفاع عن موقفه. وأضاف أن طريقة الفقيد في الدفاع كانت خاصة ومختلفة عن أغلبية المحامين. مما جعله محل انتباه.
العميد الحبيب القزدغلي.. صاحب صولات وجولات
بدا عميد كلية منوبة الحبيب القزدغلي شديد التأثر وهو يتحدث ل «الشروق» إذ كان من المقرر أن يجمعه لقاء اليوم مع الفقيد للتنسيق بينه وبين أحد المحامين لإعداد وسائل الدفاع عنه. وقال إن الفقيد كان صديقا ومحاميا اشتهر بصولاته خلال مرافعاته. وكانت له مداخلات رشيقة تثبت جدارته وكفاءته في المحاماة. وأكد بدوره أن فقدانه خسارة كبرى للمحاماة التونسية.
زياد لخضر.. عنوان للمقاومة
صرح الأمين العام لحزب الوطد زياد لخضر ل «الشروق» أن الفقيد فوزي بن مراد كان عنوانا للمقاومة ضد الديكتاتورية وكان مناصرا للقضايا العادلة. كما كان من بين لجنة الدفاع عن صدام حسين وتجرأ على مواجهة نظام بن علي مشيرا إلى أن بعض اللقاءات كانت تتم في مكتبه. وأضاف أن الفقيد عاش حرا على وقع الحياة وقلبه لم يحتمل فراق الشهيد شكري بلعيد. وقال «نحن قلوبنا تقطر دما لكننا عازمون على مواصلة الطريق وفاء له».
خير الدين الصوابني.. خسارة لكل العائلة الديمقراطية
قال الأمين العام لحزب الطليعة العربي الديمقراطي ل «الشروق» «أن موت فوزي بن مراد حدث جلل وخسارة كبيرة لكل العائلة الديمقراطية وأطياف المجتمع الذي فقد مناضلا مثابرا من مناضلي الخط الديمقراطي ومدافعا شرسا على شرفاء الأمة وكل من طالهم الظلم. وقد كان دائم الحضور في محاكمات المناضلين والسياسيين».
القاضي أحمد الرحموني.. فقدنا نصيرا للقضاء العادل
صرح رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني ل «الشروق» أن الأسرة القضائية فقدت بدورها من كان يناصرها في وقت المحنة. فالفقيد كان في الصفوف الأولى مع القضاة من أجل قضاء عادل ومستقل. وأضاف «نحن الأسرة القضائية في حزن لفقدان محام في وزن بن مراد» ثم استرجع السيد الرحموني موقف الفقيد قبل وبعد 14 جانفي وكيف كان نصيرا للقضايا العادلة.
الصحفي محمد المي.. اغتيال بلعيد زاد من الضغط على الفقيد
قال مدير جريدة الوقائع محمد المي في لقائه ب «الشروق» أن الفقيد فوزي بن مراد أعطى نفسا جديدا للجريدة وعمل على تغيير اتجاهها وتغيير خطها التحريري ورغم صفته الحقوقية إلا أنه كان مهووسا بالعمل الصحفي. وأضاف أن الفقيد عمل في الفترة الأخيرة على بعث جمعية تحمل اسم «جمعية أصدقاء شكري بلعيد» لتقوم بالحق الشخصي. وقد حز في نفسه موقف عائلة الشهيد منه وربما كان ذلك سببا في الضغط النفسي الذي عانى منه خلال الشهرين. وصرح أن الفقيد كان بصدد إعداد كتاب حول الشهيد شكري بلعيد فيه كل الحوارات التي أجريت مع الشهيد.
عبد المجيد بلعيد.. خسارة كبيرة للمحاماة
بالأمس شكري واليوم فوزي هذا ما صرح به شقيق الشهيد شكري بلعيد عبد المجيد ل «الشروق». مضيفا أنه لم يقدر على تصديق خبر الموت. ثم أضاف أن موت الفقيد بن مراد خسارة كبيرة للمحاماة. وأوضح أن ما حصل مع الفقيد لا يتعدى سوء تفاهم. رحل الأستاذ فوزي بن مراد بعد مسيرة مشهودة بالنضالات والدفاع عن الحقوقيين والصحفيين والمظلومين. تاركا وراءه سجل حافل بكبرى القضايا التي ستبقى خالدة في أرشيف المحاماة التونسية. وتذكر قاعات الجلسات بالمحاكم مرافعاته ومداخلاته القانونية.