يتمسك الطرف الاسرائىلي، في قضية نظر محكمة العدل الدولية، في مدى مشروعية الجدار الفاصل الذي تبنيه اسرائىل في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بأن هذه المسألة سياسية، وانها «تشوّش» على التسويات السياسية بين الفلسطينيين والاسرائىليين،وخاصة خطة خريطة الطريق. وتساندها في ذلك بعض الاطراف الاخرى، التي تعتبر ان المسألة سياسية وان أدان البعض من هؤلاء بناء هذا الجدار.. هل المسألة اذن سياسية أم قانونية؟ هذه الاشكالية اجاب عليها ل «الشروق» الاستاذ الحبيب سليم، استاذ القانون الدولي والخبير الدولي المعروف، حيث يقول ان المسألة ليست سياسية، فالجمعية العامة للامم المتحدة، وجهت الى محكمة العدل الدولية سؤالا قانونيا، وليس سياسيا، وهو يتعلق بالقواعد والمبادئ القانونية التي تحيط ببناء جدار فاصل فوق الاراضي الفلسطينية المحتلة. الجمعية العامة للامم المتحدة لم تطلب موقفا سياسيا انما طلبت موقفا قانونيا ويضيف الاستاذ سليم قائلا، ان الجدار ما كان ليشكّل مشكلة لو بني على «الاراضي الاسرائىلية» ولكن وجود اجزاء كبيرة منه على الاراضي الفلسطينية ينافي مبادئ القانون الدولي العام ومبادئ القانون الدولي الانساني وخاصة اتفاقية جينيف الرابعة 1949 والتي تنصّ بدقة وفي قواعد واضحة على عدم جواز بناء مثل ذلك الجدار. وفي رده على سؤال حول موقف الجمعية العامة للامم المتحدة بطرح القضية امام محكمة العدل الدولية، من خلال طلب هذه الاستشارة في وقت كانت فيه السمة القانونية للقضية، واضحة، بما فتح المجال امام اسرائيل وحلفائها للقول بأن المسألة سياسية، قال الاستاذ الحبيب سليم، ان الجمعية العامة ارادت حسم الجدال الذي دار في رحابها عندما طرحت القضية، حيث قيل ايضا ان المسألة سياسية وانها ينبغي ان تترك للتسوية بين الطرفين. واضاف قائلا ان الجمعية العامة اتخذت موقفا عندما اعتبرت ان بناء الجدار مناف للقانون الدولي وهي من خلال طلب هذه الاستشارة انما تريد ان تحسم الموقف بصفة نهائىة. وأوضح ان محكمة العدل الدولية مطالبة طبقا لفقه القضاء باعطاء مواقف قانونية وليست سياسية، عندما توجه اليها قضايا للنظر، او ملفات استشارية كما هو الحال بالنسبة لقضية الجدار العازل. فالمحكمة تتعاطى مع القضايا او الملفات الاستشارية طبقا للمبادئ القانونية وليس المبادئ السياسية. وتوقّع الاستاذ الحبيب سليم ان تعتبر المحكمة هذه القضية، قانونية وليس سياسية مستشهدا في ذلك على سابقة قانونية اخرى وهي نظر محكمة العدل الدولية سنة 1975 في قضية الصحراء الغربية، بين المغرب والجزائر وموريتانيا واسبانيا حيث تمسّكت اسبانيا بالقول ان القضية سياسية وليست قانونية واعطت رأيا في ذلك. واضاف قائلا ان المحكمة لا تنظر الا في الجوانب القانونية لأية قضية ولا تنظر في الجانب السياسي. وقال ان الذين يتمسكون بالسمة السياسية لهذه القضية انما يعتمدون في موقفهم على ان هذه القضية هي من انظار الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي، وانها تتعلق بايجاد حل سلمي بين الطرفين الفلسطيني والاسرائىلي... الا انه اشار الى ان كل تلك الاعتبارات السياسية لا تنفي كون القضية قانونية بالاساس باعتبار بناء هذا الجدار فوق اراضي الغير. وأضاف الاستاذ سليم، موضحا في ردّه على تساؤلنا بشأن ما اذا كان هناك تناقض بين النظرتين ان محكمة العدل الدولية اذا اعتبرت ان القضية قانونية فإن الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، سيأخذان بهذا الرأي، وستحسم القضية، في اتجاه عدم التعارض بين موقف محكمة العدل الدولية، وموقف الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي... ولن يكون هناك اخذ وردّ حول مدى مشروعية الجدار الذي تبنيه الحكومة الاسرائىلية. وفي تعليقه على سؤالنا حول تمسّك الداعين الى اعتبار القضية سياسية وخوفهم من اي قرار تتخذه محكمة العدل الدولية على الرغم من ان الامر يتعلق بمجرد استشارة قانونية قال الاستاذ الحبيب سليم، ان الرأي الذي ستتخذه المحكمة هو نظريا مجرد استشارة قانونية اي غير ملزم ولكنه ملزم اذا ما نظرنا له باعتباره قد اتخذ بناء على قواعد ومبادئ القانون الدولي، وهي قواعد ملزمة مذكّرا مرة بما أشار اليه سابقا من انه اذا حسمت محكمة العدل الدولية هذا الجدل، فإنه لن يكون هناك تناقض بين المحكمة والجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، بشأن مستقبل التعاطي مع هذه القضية. وتوقّع الاستاذ الحبيب سليم الا يتجاوز نظر المحكمة في هذه المسألة واعدادها للاستشارة المطلوبة بعض الاسابيع فقط بما ان الجمعية العامة للامم المتحدة طلبت الاستشارة بصفة مستعجلة. وعبّر عن تفاؤله ازاء نتيجة هذه الاستشارة متوقعا ان تكون منصفة للموقف الفلسطيني والعربي خاصة وان مبادئ وقواعد القانون الدولي العام والانساني، واضحة إزاء هذا الوضع.