تأكيدا للأهمية التي يوليها للارشيف باعتباره اداة عمل وتصرف يحفظ مصادر حقوق الاشخاص والهيئات ومصدرا للبحث التاريخي والعلمي ومقوما من مقومات صيانة الذاكرة الوطنية زار الرئيس زين العابدين بن علي صباح أمس مؤسسة الارشيف الوطني بالعاصمة حيث تولى افتتاح المعرض الوثائقي حول موضوع «قرن من المشاركة التونسية في المعارض الدولية» الذي تنظمه هذه المؤسسة بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للارشيف ليتواصل على امتداد شهر كامل. وكان في استقبال رئيس الدولة لدى حلوله أمام مبنى الارشيف الوطني الوزير الاول ووالي تونس ورئيس بلدية العاصمة شيخ المدينة. وقد خص سيادته باستقبال حار من قبل العديد من المواطنين والمواطنات الذين تجمعوا على حافتي مدخل مؤسسة الارشيف الوطني رافعين الاعلام وصور رئيس الدولة واللافتات المتضمنة لعبارات الترحيب والتأييد لسياسة الاصلاح التي ينتهجها والتمسك به كخيار لمستقبل البلاد. واطلع رئيس الدولة في مستهل هذه الزيارة على مثال مصغر لمبنى الارشيف الوطني متعرفا من خلال ما قدمه المدير العام لهذه المؤسسة من بيانات ومعطيات على سير عملها وعلى ما تم تحقيقه منذ التحول سيما بفضل القرارات الحاسمة التي اتخذها رئيس الدولة في 26 فيفري 1993 من انجازات رائدة جعلت من تونس البلد العربي الوحيد الذي يعتمد نظاما عصريا للارشيف يضاهي الانظمة المعتمدة في الدول المتقدمة ويقوم على الاعتناء بالوثائق منذ نشأتها الى انتهاء حاجة منشئها اليها. وابدى رئيس الدولة اهتماما لما يتميز به هذا النظام من اعتماد على تقنيات حديثة ومواصفات عالمية مكنت من ايجاد قواعد بيانية دقيقة حول ملفات الارشيف على امتداد 300 سنة تم مسحها ووصفها وادراجها على موقع واب لتكون تونس اول بلد عربي يخصص موقعا له على الشبكة العنكبوتية خاصا بالارشيف ويضع فيه قواعد البيانات للبحث الالي عن المعلومات. كما اهتم سيادة الرئيس بالمراحل المتبعة في تخزين الوثائق مؤكدا بالخصوص على أهمية الحفاظ عليها من التلف وصيانتها حتى يتسنى الرجوع اليها عند الحاجة واستغلالها من قبل الباحثين. وابدى سيادة الرئيس كذلك اهتمامه بتكوين الاعوان والاطارات العاملة في مجال الارشيف مؤكدا على وجوب الحرص على تأمين التكوين الملائم للعاملين في القطاع وانتداب المختصين حتى يساهموا في مزيد النهوض بالارشيف الوطني الذي اصبح يعد اليوم 360 اطارا مختصا في مختلف الهياكل العمومية ليبلغ هذا العدد في نهاية السنة الجارية 420. وزار الرئيس زين العابدين بن علي المعرض الوثائقي الذي انتظم ببهو هذه المؤسسة معاينا ما تقدمه هذه التظاهرة الاولى من نوعها في تاريخ البلاد من وثائق اصلية حول مشاركة تونس طيلة قرن من الزمن 1949/1851 في المعارض الدولية. واطلع سيادة الرئيس على ما احتواه المعرض من وثائق بيانية تتعلق بالمشاركات التونسية في هذه المعارض وتبرز ما تضطلع به بلادنا من دور كهمزة وصل بين العالم العربي والعالم الغربي. وتوقف الرئيس زين العابدين بن علي امام ما تضمنه المعرض كذلك من أصول نادرة لبعض الوثائق العمومية الهامة على غرار عهد الامان ومعاهدة الحماية والدستور التونسي لسنة 1861 مبرزا ما تكتسيه هذه الوثائق من أهمية في الحفاظ على الذاكرة الوطنية ومشيرا الى ضرورة العمل باستمرار على صيانتها. وتعرف سيادة الرئيس بورشة ترميم الوثائق وبمصلحة الاعداد الفني لها على طرق العمل المعتمدة بهما للحفاظ على الوثائق وتعهدها بالصيانة مبديا بالخصوص اهتمامه بالتقنيات الحديثة المتبعة وبما تضمنه من نتائج ايجابية في صيانة هذه الوثائق. وفي نهاية هذه الزيارة دوّن سيادة الرئيس كلمة في السجل الذهبي للارشيف الوطني في ما يلي نصها: «على بركة الله زرنا اليوم المقر الجديد للارشيف الوطني في بنايته الجديدة التي نعتبرها انجازا مليئا بالدلالات والمعاني لما يجسمه من عناية فائقة بالذاكرة الادارية وحفاظ على كل المعطيات المتصلة بالشأن العمومي ومصالح المواطنين وعمل دواليب الدولة وتطور التصرف فيها وتحديث لوسائله. وقد اتاحت لنا هذه الزيارة الاطلاع على النظم الجديدة المعتمدة في هذا المجال والتقنيات العصرية المستعملة فيه وعلى معرض وثائقي ثري يمتد على طول قرن كامل من المشاركات التونسية في مختلف التظاهرات بالخارج بين بوضوح تقدم مسيرة الادارة التونسية وما بلغته في عهد التغيير من رقي تحقق بفضل ما قمنا به من اصلاحات شملت كافة ميادين التسيير والتصرف واسداء الخدمات وتقريبها من المواطن وتعزيز سبل التكوين وطرقه ومضامينه وتوفير المادة اللازمة للدارسين والباحثين».