جعل الإسلام من الأسرة أهم نواة للمجتمع وصلاحه ينبع من صلاحها، والأسرة في ديننا تتكوّن عن طريق الزواج وخير البيوت ما يبنى على حسن العشرة والمودة والرحمة ولا يتحقق ذلك إلا إذا راعى كل طرف حقوق الطرف الآخر وقام بواجبه نحوه على أكمل وجه، وبما أن الإسلام حريص على نجاح العلاقة الزوجية فقد أوجب على الزوج تأدية حقوق زوجته وعلى الزوجة تأدية حقوق زوجها ولنبدأ بحقوق الزوجة المسلمة على شريك حياتها وأوّلها المعاملة الحسنة والعشرة الطيبة حيث جعل الإسلام كمال إيمان الرجل وتميزه عن غيره مرتبطا بحسن خلقه مع زوجته. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم خلقا» ويقول كذلك : «خيركم خيركم لنسائه وأنا خيركم لنسائي» ويقول الله تعالى {وعاشروهن بالمعروف} وتكمن حسن المعاملة في اسماع الزوج لزوجته كلام الحب واظهاره تقديرا لما تقوم به داخل البيت معه ومع الأبناء خصوصا لو كانت تعمل وعدم انتقاد الطعام بصورة دائمة وممازحتها والترفيه عنها، كما أنه من أوكد واجبات الزوج على زوجته أن ينفق عليها فيطعمها ويكسوها ويسكنها السكنى اللائقة وأن لا يبخل عليها خصوصا لو أعطاه الله كثيرا من فضله ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة (عتق عبد) ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك». وعن حكيم بن معاوية القشتيري قال : قلت : «يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبّح ولا تهجر إلا في البيت» وغيرة الزوج على زوجته مطلوبة في الإسلام غير أنّ هذه الغيرة يجب أن تكون معتدلة بحيث لا ينغص الرجل على امرأته حياتها بالشكوك لو لم ير منها ما يدعو فعلا الى الغيرة والإرتياب، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة» وعلى الزوج أن يساعد شريكة حياته في شؤون البيت لا سيما بعد أن خرجت المرأة الى العمل وصارت تساهم في نفقات البيت الكثيرة والمساعدة لا تنقص من كرامة الرجل ولا من هيبته فهل الرجل الشرقي أفضل من رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي كان يحلب شاته ويرقع ثوبه ويصلح نعله ويخدم نفسه ويعلف بعيره ويأكل مع الخدم ويعجن معهم؟ ومن حقوق المرأة على زوجها أن لا يسيء إليها أو يعايرها لو كانت عاقرا أو لا تنجب سوى البنات فليس للزوجة دخل في ذلك وليتذكر كل رجل قوله تعالى : {لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا (يعطيهم الجنسين معا) ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير} (الشورى 49 50). وبالاضافة الى ذلك يدعو ديننا الحنيف الرجل المسلم إلى أن يصبر على سوء خلق زوجته وما يصدر عنها ساعات الغضب ويتسامح مع عيوبها بما أن الكمال لله وحده فالجحود صفة ملازمة للمرأة بحيث تنسى أو تتناسى الإحسان ولا تذكر سوى الإساءات لترد عليها مثلما يتجلى ذلك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن» قيل : أيكفرن بالله؟ قال : «يكفرن العشير (الزوج) ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى احداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت : ما رأيت منك خيرا قط!» ويدعونا صلوات الله وسلامه عليه إلى أن نركز على مزايا ومحاسن الزوجات لو وجدنا لديهن بعض العيوب وذلك في حديثه الشريف : «لا يفرك (يبغض) مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر» ويعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصابر على أذى زوجته بالأجر الجزيل في حديثه : «من صبر على سوء خلق إمرأته أعطاه الله من الأجر مثلما أعطى أيوب على بلائه».