ماذا لو تسحب رخصة السياقة مدى الحياة من السائق المخمور ؟ إعداد : رضا بركة تونس (الشروق) حسب إحصائيات الإدارة العامة للحرس الوطني ساهمت السياقة تحت تأثير حالة كحولية (سنة 2002) في 119 حادثا أدّت الى 15 قتيلا و170 جريحا ولأمر مثل هذا طالب البعض من مستعملي السيارات بسحب الرخصة مدى الحياة من السائقين المخمورين في حين طالب بعض المحامين والأطباء باتخاذ إجراءات رادعة لكن دون أن تصل الى هذه الدرجة من التشدّد. فقد تعالت أصوات السواق منتقدة تصرفات المخمورين على مستوى الطريق وما يسهمون فيه من كوارث تؤدي الى حتف وقتل غيرهم من الأبرياء، لكن ما السبب الذي يدفع السائق الى قيادة السيارة أو الشاحنة وهو تحت تأثير الكحول؟ يقول منذر التازركي (مواطن) : "يعمد البعض للسياقة وهو في حالة سكر من أجل تجاوز بعض قوانين الطرقات فيصبح يتميز بعقلية استهتارية يتجاوز متى أراد المجاوزة. ويتسبب في قتل بعض أقاربه في كثيرا من الأحيان خاصة عندما يجبر على العودة بأفراد أسرته بعد إحدى سهرات الأفراح أو المناسبات فنجده وقد فعلت به الخمرة فعلها غير قادر على مسك المقود". أما السيد منصف (صاحب سيارة) تحدث عن بعض الدوافع التي تدفع السائق للسياقة وهو مخمور وقد ارتسمت على ملامحه ابتسامة ساخرة تكشف عن معاني كثيرة يقول : "يحبّ "يشيخ"، "يتفرهد" "يعمل كيف" وبعضهم تجده في حالة انفعال يحاول الخروج منها بالتوسّل بالخمرة««. وقد يستعين البعض بالخمرة لتنسيه وحشة الطريق وبعد المسافات لكن كل هذه البدايات الخاطئة لا تنتج إلا نهايات خاطئة بدورها، يقول السيد حسن العكاري وقد دلّت نبرات صوته الحزينة على ما يُضمره تجاه أمثال هؤلاء السواق المخمورين : »قد تذهب الخمرة بعقل السائق وتجعله سائق "مجنون" يتسبّب في حوادث قاتلة يذهب ضحيتها العديد من الأرواح ويؤدي الى تيتيم وتشريد بعض أفراد العائلات، وتأكد أن السياقة تحت تأثير حالة كحولية حتى وإن لم تؤدّ الى حوادث قاتلة فإنها ستفرز سلوكا خارجا عن قيمنا ومبادئنا فأحيانا تكون في طريق معين بسيارتك تلحظ بعضهم يحتسي الخمرة ويقذف القوارير وسط هذا الطريق.. إنها تصرّفات تزعجنا وتهدّد السلامة المرورية". سحب الرخصة نهائيا أمام ما تقدّم نادى البعض بإيجاد مخالفات جزائية تكون أشدّ ردعا.. يقول فتحي وهو سائق عربة : "إن الخمرة "أم الخبائث" فإذا ما كان السائق مخمورا فسيخترق كل قوانين الطرقات، وعليه فإنني أطالب بتشديد العقاب في صورة ضبطه في هذه الحالة، كأن تسحب منه رخصة السياقة نهائيا دون أن ترجع إليه مرة أخرى". طالب المنذر بدوره قائلا : »يجب على السلط المعنية أن تقوم بسحب رخصة هذا المخمور على المقود دون أن تعاد له مرة ثانية حتى يكون عبرة لمن يعتبر فأرواح "النّاس" ليست لعبة«.. بدوره أكد فتحي : "يجب أن نكون متشد ّدين في فرض العقوبات يجب أن نسحب منهم الرخص حتى لا تحدث حوادث نحن في غنى عنها". هكذا تتحول المخالفات الرادعة الى شكل من أشكال المعالجة. ليس الحلّ الأمثل لكن حرمان السائق من رخصة السياقة مدى الحياة لا يراه البعض الآخر الحل الأمثل.. يقول السيد حسن : "يُمكن أن نتسامح معه في المرة الأولى عند ضبطه مخمورا وهو على مقود السيارة أما إذا ما كرّر فعلته فيجوز لنا سحب الرخصة منه نهائيا". أما زهير فبحكم أنه يعمل ببعض البلدان الأورو بية منذ فترة بعيدة معاشرا لمظاهر الحياة فيها فقال : "يجب أن نقتدي ببعض سلوكات الغربيين حيث يوجد عمّال مختصون بالنزل يقومون بإيصال صاحب السيارة الى بيته (إذا ما شرب الخمرة) لتجنب وقوع كوارث على مستوى الطريق". الأستاذ فيصل جذلاوي (محام) : "سحب الرخصة تعديا على الحقوق" إن المطالبة بسحب الرخصة مدى الحياة من السائق الذي يكون تحت تأثير حالة كحولية يبدو لدى البعض من رجال القانون تعديا على بعض الحقوق.. يقول الأستاذ فيصل جذلاوي : »لا أعتقد أن سحب الرخصة مدى الحياة حلّ جذري بل إنه يمثل تعدّيا على حقوق الفرد إذ سنحرمه من حقّه القانوني وحقه الاقتصادي والاجتماعي والانساني ثم اننا قد نحرمه من مورد رزقه ربما، إن سحب الرخصة مدى الحياة إجراء لا يستسيغه المنطق والقانون ولا تقبله الأخلاق أيضا (...) إنني أرى أن تكثيف حملات التوعية على مستوى الطريق وتركزها بالأساس على السياقة في حالة سكر أهم وأنجع، لكن للأسف فإن مثل هذه الحملات تبدو أنها وعلى مستوى طرقاتنا موجهة إلاّ لمن لم يحترم هذه الاشارة المرورية أو تلك.. يجب مراقبة الطريق العام بالتوسل بتجهيزات متطورة حتى نحدّ من ظاهرة الحوادث، على أن تكون المراقبة في شكل حملات دورية متجدّدة«. الدكتورة زهرة عيسى (اختصاصية في الأعصاب والطب النفسي) : "لا نقاوم العنف بالعنف" بعد أن قامت الدكتورة زهرة عيسى بشرح تأثير الكحول على الجهاز العصبي للإنسان بصفة عامة والسائق بصفة خاصة خلصت الى المطالبة بتفاديه لا سيما أثناء عملية السياقة.. تقول : »تؤثر الخمرة على الجهاز العصبي وعلى درجة الوعي واليقظة لكل منا، ويجوز أن نذكّر بالكمية التي وضعتها المنظمة العالمية للصحة كمعيار لنسبة الكحول في الدّم وهي 0.8 غراما/ل وكلّما وقع تجاوز هذه الدرجة من الكحول في الجسم نلاحظ بصفة حتمية : 1) تدهور حالة الوعي واليقظة. 2) تردّي طاقة السائق وعدم قدرته على السيطرة على مقود سيارته وهبوطا في سرعة ردود فعله وتقلصا تدريجيا لدقة الملاحظة وسرعة البديهة. 3) نلاحظ أيضا تغيّرات سلوكية تختلف من شخص إلى آخر ومتفاوتة الخطورة، وعلينا في هذا المضمار أن نجلب انتباه سائقي السيارات بالانعكاسات التي تودي بهم الى وضعيات مفزعة. وقصدنا من هذا النداء هو دعوة صادقة الى الوقاية قبل الوصل الى مرحلة العلاج، لأن المخاطر التي ذكرناها حتمية ولا يمكن استقراء مدى خطورتها سواء كان ذلك على السائق أو على مرافقيه أو على كافة مستعملي الطريق«. وتمضي الدكتورة زهرة عيسى لعرض موقفها من فكرة سحب رخصة السائق المخمور مدى الحياة قائلة : »لا أعتقد أنه حلّ جذري، لا يجب أن نقاوم العنف بعنف آخر، يجب تكثيف عمليات المراقبة على مستوى الطريق ومراقبة وتحسيس مثل هؤلاء فمعاقرة الخمرة في كلّ الأحوال أمر محرّم في ديننا الحنيف«.. على كل فإن فكرة سحب الرخصة مدى الحياة من أناس يبيحون لأنفسهم تجاوز الممنوع والمحظور تبقى فكرة واردة وقع طرحها في بعض البلدان العربية الأخرى. متى تسحب الرخصة ؟ تسحب رخصة السياقة في الحالات التالية : 1 تجاوز السرعة القصوى المسموح بها بعشرين كلم في الساعة أو أكثر. 2 المجاوزة الممنوعة. 3 عدم احترام علامات التوقف المبنية بعلامات أو إشارات مناسبة بما في ذلك حواجز السكة الحديدية. 4 السياقة تحت تأثير حالة كحولية أو رفض الخضوع لإجراءات اثبات الحالة الكحولية أو تناول مشروبات كحولية بالعربة. 5 عدم الامتثال لإشارة الوقوف أو للمراقبة من قبل الأعوان المكلفين بذلك والمباشرين. 6 السير في الاتجاه المعاكس بالطرقات السيارة أو الرجوع على الأعقاب لا سيما بعبور الأرض المسطحة أو باستعمال نقاط العبور الخاصة. 1585 قتيلا ؟ أفرزت احصائيات حوادث المرور التي جدّت سنة 2002 حوالي 12127 حادثا نتج عنها 1585 قتيلا و16416 جريحا. ولا يزال فصل الصيف يحتل الصدارة في وقوع أكبر عدد من حوادث المرور المسجلة سنة 2002 ببلوغه نسبة 37.34 من مجموعها. تطور عدد رخص السياقة تطوّر عدد رخص السياقة من 1354618 سنة 1998 الى حوالي 1.700.711 سنة 2002. وتشير الاحصائيات الى أن السرعة تمثل العنصر الأساسي من حيث خطورة الحوادث وقد ساهمت بنسبة 31.29 من المجموع العام للقتلى.