اختتم فيلم «بابا عزيز» للناصر خمير عشية أمس الأول، الجمعة 17 نوفمبر 2006، عروض الأفلام الطويلة التي مثلت تونس في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية في دورتها الواحدة والعشرين. وكان الفيلم قبل ظهوره في المهرجان وهو المناسبة الأولى التي يعرض فيها في تونس، محل جدل كبير إذ وصفه البعض بالفيلم الإيراني الذي تصعب قراءته كفيلم تونسي يعكس ثقافة البلاد. و»بابا عزيز» هو إنتاج تونسي مشترك مع عدة أطراف من بلدان أجنبية من بينها إيران. رحلة عشتار ويصوّر الفيلم رحلة فتاة صغيرة تدعى، «عشتار» تقود جدها «الدرويش» الضرير في أعماق الصحراء بحثا عن الحقيقة حيث يلتقي»الدراويش» في كل موسم لغاية بلوغ العرش. ويحملنا الفيلم على امتداد الرحلة إلى حكايات «ألف ليلة وليلة» حكاية الأمير الذي يودّ بناء قصر في عمق الصحراء والعاشق الذي فقد حبيبته داخل البئر والفتاة المتنكرة في ثوب الرجال على أمل اللحاق بشقيقها. حكايات يتداخل فيها الخيال مع الواقع... واقع البحث عن الروح. حكاية فلسفية «بابا عزيز» حكاية فلسفية تكشف حقيقة الثقافة العربية الإسلامية بشعرها وأغانيها ورقصها تبدأ من الشرق حيث الحضارات العريقة في إيران والهند وتنتهي في الغرب حيث الطرق الدينية من المغرب والجزائر وتونس. وربما من هنا كان النقاش حول جنسية الفيلم، ووصفه بالإيراني نظرا لاعتماد المخرج اللغة الفارسية في حوار الأبطال وترديد الأغاني. كما تم تصوير بعض المشاهد من الرحلة في إيران ولكن هذا الاختيار له دلالاته ومبرراته. فالثقافة العربية أخذت الكثير من الحضارات الشرقية في الهند وإيران ودليل ذلك حكايات «ألف ليلة وليلة» و»كليلة ودمنة» وغيرهما من الاثار الأدبية. فيلم تونسي «بابا عزيز» فيلم تونسي ليس لكونه مدعوم من وزارة الثقافة التونسية أو أن مخرجه تحمل الجنسية التونسية وإنما لكشفه مراجع الثقافة العربية الإسلامية، بما فيها التونسية وأكثر من ذلك يحمل جماليات السينما التي لا تعترف بأي حدود جغرافية أو ثقافية. وعموما يبدو «بابا عزيز» كنيزك سقط من السماء ليقع في صحراء الجنوب التونسي التي صورها ناصر خمير أجمل تصوير.