بعد مشاركتها في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية بفيلمها الروائي الطويل الاول (دنيا) اتفقت المخرجة اللبنانية مع احد الموزعين التونسيين على عرض الفيلم القاعات التجارية (بداية من الاثنين 20 نوفمبر) والشريط من بطولة حنان ترك ومحمد منير وفتحي عبد الوهاب وققد قوبل بحفاوة كبيرة عند عرضه في عدد من المهرجانات الدولية (مونتريال، فرنسا، سويسرا، البرتغال، سنغافورة) والفيلم انتاج مصري فرنسي لبناني مغربي مشترك تدور احداثه حول «دُنيا» الفتاة ذات الثلاثة والعشرين ربيعا التي تطمح في ان تصبح راقصة محترفة مثل امها، ويحاول الانفتاح على عالم الحريّة الجسدية والفكرية في مجتمع تسوده سيطرة الذكورة. وإلى حد الآن لم يُعرض الفيلم في مصر، بعد ان تعرّض لحملة شرسة طالبت بمنعه وحذف مشاهد منه.. في هذا الحوار تتحدث جوسلين صعب عن «دُنيا».. * انت لست غريبة عن تونس، فكيف وجدت أيام قرطاج السينمائىة في الدورة (21)؟ أنا سعيدة بوجودي في مهرجان شاركت فيه اربع مرات، هذا من جهة الحنين. شيء ثان انه اصبحت هناك عدة مهرجانات سينمائية في البلدان العربية، ولكن قرطاج يختلف عنها بأنه مهرجان للسنما قبل اي شيء آخر، والمهرجان له تصوّر واضح وخط فكري يدافع عنه هو الحوار بين الثقافات فضلا عن اهمية الافلام المعروضة. * (مقاطعا) ماهي الافلام التي لفتت انتباهك؟ فيلم النوري بوزيد (آخر فيلم)، كذلك افلام الجيلاني السعدي والناصر خمير وعبد الرحمان سيساكو... واعذرني لأني لم اشاهد الكثير لأني مشغولة بالاعداد للعرض التجاري لفيلمي (دُنيا) في القاعات التونسية. * تكوينك في العلوم السياسية، فما الذي جاء بك الى الفن السابع؟ هذه قصة تعود بي الى ثلاثين عاما، العائلة لم تكن موافقة على دراستي للسينما، ومع ذلك اشتغلت على عدة افلام وثائقية اقتضتها ظروف الحرب الأهلية في لبنان منتصف السبعينات ولذلك تأجل فيلمي الروائي الاول الى الآن، وها اني احاول ان اربح الوقت الضائع بإنجاز افلام تتكلّم عن الحبّ، وانا حاولت ان يكون (دُنيا) «خفيف دم» بأغاني محمد منير ورقصات حنان ترك ولكنه في الوقت نفسه يتحدث عن الختان الفكري والجسدي. * هل عشت آلام الحرب في لبنان؟ آه، عشتها للاسف، وفي الحرب الاخيرة صوّرت فيلما عن الجسور لما لها من بعد رمزي، فهي تربط بين الاديان والطوائف والأفكار والقلوب... ولكن العدوان دمّرها بالكامل.. وأنا عدت تحت القصف دفاعا عن لبنان. * انت لبنانية، وأبطال الفيلم من مصر، والانتاج مصري فرنسي لبناني مغربي فماهي جنسية فيلمك (دُنيا)؟ جنسية الفيلم هي روح المخرج. «هلاّ» الفيلم فيه نكهة مصرية وانا اشتغل على الفيلم منذ سبع سنوات، ولي بيت بالأقصر منذ ثلاثين عاما.. لي علاقة خاصة بمصر ولكن الفيلم لبناني بمعنى الروح الحرة والجريئة الموجودة فيه، وهي روحي المتمرّدة. والحقيقة اني استعنت بالميلودراما المصرية حتى نضمن الرواج الجماهيري ل «دُنيا» وهذا ليس عيْبا فلا حياة للسينما دون جمهور... ولذلك استعملت صوت محمد منير الذي يوصف بأنه (صوت مصر) وعملت معي حنان ترك وسوسن بدر وعائدة رياض وفتحي عبد الوهاب.. * الى حدّ الآن لم يُعرض الفيلم في مصر، و(حنان ترك) تنكّرت للعمل وتحجّبت، و (محمد منير) بات يرفض الحديث عنه. فلماذا يحدث هذا مع (دُنيا)؟ نكبات... نكبات.. أظن ان حركة سلفية في مصر تحاربني وتضغط على الممثلين. كما ان خلافات زعامات الانتاج السينمائى في مصر جعلت مني كبش الفداء، وهناك من ينظّر للسنما النظيفة!! وأحمد الله ان (دُنيا) سيعرض بداية من يوم 20 نوفمبر بتونس. *لو كنتِ مصرية، هل كان الفيلم يلقى هذا المصير؟ اشكرك على هذا السؤال... انا جاية من لبنان، ويبدو ان هناك من لم يتحمّل ان تأتي امرأة من بلد مجاور لتتحدث عن ختان البنات، وهو موضوع لا صلة له بالاسلام. أما عن الممثلين، فحنان ترك سبق ان صرّحت بأن الفيلم تعرّض لحياتها الخاصة وقالت «خلّوني اكون دنيا» ولكنها لم تنجح في ذلك، ولكن عليها كممثلة ان تدافع عن الفيلم لا ان تختفي، تحجّبت ام لم تتحجّب. أما محمد منير، فلم يفهم ان افلامنا لا تقف على آبار من النفط، كما ان سُلّطت عليه ضغوطا اجتماعية وسياسية. اما البقية فبعضهم تذمّر من حجم كتابة اسمه في الجينيريك!! الخلاصة ان المؤامرة التي حيكت ضد الفيلم نجحت في التفريق بين عناصر (دنيا) ولكن «دنيا» اصبحت ايقونة الشباب في مصر... هذا فيلم ايجابي يدفع للتفاؤل، وهذا ما شعرت به في تونس. * هل كان ردّ فعل الجمهور التونسي مثلما توقعته؟ بل احسن مما توقعته... انا «فرحانة».. «جيت لتونس قلبي اسود، وتاركتها وقلبي ابيض من حسن استقبالكم لفيلمي «دُنيا». * هل سيعرض الفيلم في مصر؟ ما اسميش جوسلين صعب ان لم يعرض كاملا دون حذف اي مشهد» وسيتم ذلك قريبا.. * ماذا بعد «دُنيا»؟ اعدّ لكوميديا موسيقية وبالفعل بدأت في البحث عن وجوه شابّة محبّة للرقص.