عاد مسلسل الاغتيالات إلى الساحة اللبنانية أمس حيث قُتل وزير الصناعة اللبناني بيار الجميّل برصاص مسلحين في العاصمة بيروت. وفيما أدانت واشنطن ولندن وباريس هذه العملية سارعت قوى الأكثرية في البرلمان اللبناني إلى توجيه أصابع الاتهام ضمنا إلى سوريا. ويأتي هذا التطور وسط أزمة سياسية حادة تعصف بالبلاد وتعطّل مساعي تشكيل حكومة وحدة وطنية. وأكد وزير الداخلة اللبناني أحمد فتفت مقتل وزير الصناعة بيار أمين الجميل برصاص مسلحين شمال العاصمة بيروت. وقال شهود عيان إن مسلحين أطلقوا النار على الجميل في سيارته في حي الجديدة في ضاحية بيروت الشمالية ونُقل علي إثرها إلى مستشفى ماريوسف حيث لفظ أنفاسه. * عودة الاغتيالات ويُعتبر هذا الهجوم الحلقة الأحدث في مسلسل هجمات شهدها لبنان خلال الأشهر الأخيرة لكنه الأول الذي لم تستعمل فيه متفجرات. وبيار الجميّل هو أول شخصية سياسية يتم اغتيالها منذ مقتل النائب جبران تويني في 12 ديسمبر 2005. ويذكر أن الوزير بيار الجميل (34 عاما) هو حفيد مؤسس حزب الكتائب اللبنانية المسحي بيار الجميل وهو نجل رئىس الجمهورية الأسبق أمين الجميّل الذي يرأس حاليا حزب الكتائب والذي دعا أمس إلي الهدوء كما أن عمّه هو رئىس الجمهورية اللبنانية بشير الجميل الذي اغتيل أيضا في انفجار عام 1982 قبل تسلمه الرئاسة. وقد قطع زعيم الأغلبية البرلمانية سعد الحريري مؤتمرا صحفيا كان يعقده واتهم سوريا من دون أن يسميها. وقال الحريري بدأوا مسلسل الاغتيالات الذي وعدوا به. وكان الحريري يعقد مؤتمرا صحفيا للرد على خطاب السيد حسن نصر الله الذي بث الأحد ودعا فيه إلى التظاهر لإسقاط حكومة السنيورة. وأضاف الحريري أن ما حدث استمرار لمسلسل الاغتيالات التي يشهدها لبنان محملا المسؤولية ل «ذلك النظام» على حد تعبيره في إشارة إلى سوريا التي يناصبها تيار الأغلبية العداء. وتابع الحريري قوله إن المحكمة الدولية باتت بيننا وليقع ما يقع من جانبه قال رئيس الوزراءاللبناني فؤاد السنيورة إن حادثة الاغتيال ستجعل الحكومة أكثر تصميما على إنشاء المحكمة الدولية. وقد جاءت عملية الاغتيال مع تجدّد الجدل بشأن المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الوزراءالراحل رفيق الحريري بعد إرسال مجلس الوزراء اللبناني خطابا إلى أمين عام الأممالمتحدة كوفي عنان يعلن فيه قبول المحكمة التي يناقشها مجلس الأمن الدولي. كما تأتي عملية الاغتيال في وقت يشهد فيه لبنان توترا سياسيا حادا بعد استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة مطالبين بحكومة وحدة وطنية وتوزيع جديد للحقائب أو بانتخابات مبكرة وسط تهديد من المعارضة بالنزول إلى الشارع. من جانبه اتهم النائب وائل فاعور المحسوب على اللقاء النيابي الديمقراطي الذي يتزعمه وليد جنبلاط «أياد سورية» بالضلوع في هذه العملية. وحذّر زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون من فتنة لشق الصف المسيحي اللبناني، فيما دعا رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة الى الوحدة. واتهم وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت النظام السوري على الفور باغتيال الوزير الجميل. وأعلنت الرئاسة اللبنانية الحداد 3 أيام وتنكيس الأعلام. من جانبه اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن عملية الاغتيال تستهدف كل لبنان والعودة الى ما قبل 14 آذار (مارس) 2005 . ودعا جعجع وزراء «أمل» و «حزب الله» الى العودة عن استقالتهم من الحكومة وخاطبهم قائلا : وإلا فأنتم تضعون أنفسكم في موضع المتهم المباشر وغير المباشر. * صدمة دولية وفي سياق ردود الفعل الدولية أدانت الولاياتالمتحدة عملية الاغتيال واصفة اياها بأنها «جريمة ارهابية» وطالب الرئيس الأمريكي جورج بوش بالتحقيق في الجريمة التي قال إنها تهدف الى زعزعة استقرار لبنان. وقال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية نيكولاس بيرنز «اننا مصدومون بعملية الاغتيال ونعتبرها عملا ارهابيا». وزعم بيرنز أن التصريحات الأخيرة لأمين عام «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله تؤدي الى زعزعة الأوضاع في لبنان داعيا الى ضرورة تعزيز الدعم لحكومة السنيورة. كما وصف السفير الأمريكي في الأممالمتحدة جون بولتون عملية الاغتيال بالجريمة الارهابية مضيفا ان انشاء المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري أصبح أمرا مستعجلا. ورأت باريس في العملية محاولة جديدة لزعزعة استقرار لبنان. وأدان الرئيس الفرنسي جاك شيراك «الاعتداء الشنيع» ضد بيار الجميل وأعرب عن أمله في أن تتم «ملاحقة ومعاقبة» القتلة. وقال شيراك إن كل لبنان مصاب بهذه المأساة الرهيبة وفرنسا على يقين بأن الرغبة في الاستقلال والحرية والديمقراطية لدى اللبنانيين ستكون أقوى حسب تعبيره. وأدان أمين عام الأممالمتحدة كوفي عنان العملية ورأى أنها تهدف إلى زعزعة أمن لبنان.