وأخيرا قررت الطفلة ان تخترق جدار الصمت وان تخرج ما في جعبتها وان تتصفح كتاب ذكرياتها تلك الذكريات المؤلمة الحزينة التي تتحاشى ان تسترجع ذلك الشريط ولكن تظل سلسلة الذكريات تلاحقها وتطاردها. قررت ان تخرج من صمتها وتفجّر عصابة الدموع المحبوسة. بكت ولكن في صمت... وجع.. ودماء غزيرة تتقاطر من ذلك القلب الذي غُرس شوك وأسهم. تمزّق القلب.. تلاشى واضمحل وصار فتاتا يتطاير في السماء. عادت بها الذاكرة الى تلك الطفولة البائسة التعيسة... كما تمنّت لو يعود بها قطار العمر وان تغيّر ما يجب تغييره.. كل الاطفال كانوا ينتظرون اعياد ميلادهم بفارغ الصبر ما عدا هي، فهي لم تحتفل به قط فلقد كان ذلك يوما عاديا يمرّ مرور الكرام ولكنها كانت تعدّ الساعات والدقائق حتى يمرّ بسرعة ولكنها متثاقلة بطيئة... كم حلمت ان تحتفل بذلك اليوم المشهود وان تدعو اصدقاءها لمشاركتها الفرح والمرح. كم حلمت ان تطفئ الشمع ويصفقون لها... كم حلمت ان يهدى لها الهدايا... ولكن تمنت ايضا لو ان الزمن يلعب لعبته ويمحي تاريخ ميلادها... كم تمنت لو تسعد بقدوم عيد الفطر فهي لم تعرفه قطّ. كم حلمت ان تشتري بدلة العيد وان تتباهى بها مثلما تفعل ابنة الجيران »هيفاء« وان تزور مدينة الملاهي وان تجمع المهبى وتشتري اللعب وبينما الاطفال يقضون العيد في اللعب والمرح... كانت في غرفتها تبكي بصمت فهي لا تريد ان تذرف الدمع امام الآخرين وخاصة والديها حتى لا تحسسهم بانهم مقصرّون في حقها... وهكذا شاءت الأقدار ان تذوق الطفلة طعم الفقر منذ صغرها ورغم ذلك فإن ابتسامتها المعهودة لا تفارق محياها فهي شر الوجود. كبرت الطفلة غداة يوم سألت امها: اين عائلتي اين يسكنون؟ لماذا لا يزورونها؟ لماذا لا تزورهم؟ من هم؟ تجاهلت الام السؤال ولم تجبها... لطالما تمنّت لوكانت لها عائلة كثيرة الافراد، عائلة متضامنة، متماسكة، لطالما حلمت بأن تستيقظ من النوم فتجدهم يتناولون فطور الصباح معا وهم مجتمعون حول مائدة واحدة... كم تمنت لو كان لها جدّ يسأل عن نتائجها الدراسية ويشجعها على مواصلة الدرب لطالما تمنت لو كانت لها عمة تحبها كما تحب ابنتها. فتصطحبها اينما ذهبت. في الأخير تيقنت ان لها عائلة كثيرة الافراد ولكنها مفتتة، مشتتة فكل فرد لا يهتم الا بمشاغله... كلما كبرت هذه الطفلة كبر الحقد في قلبها على هذه العائلة. فارادت ان تغيّر الأقدار وان تؤسس عائلة... آمنت بالصداقة فكان لها صديقات كثر فأسست هذه العائلة التي لطالما حلمت بها ومع مرور السنين، اصطدمت بواقع مؤلم، فأولئك الفتيات اللواتي اعتبرتهن صديقاتها فما ان تنتهي السنة الدراسية حتى تضمحل الصداقة لتحلّ مكانها فتاة اخرى وهكذا دواليك... فالعائلة وهم اخترعته وعاشته ولكنها مازالت تفتش عنه قد تجده في يوم من الايام. ربما بحثت عن كاتم لأسرارها فلم تجد ضالتها الا بين الأسطر وفي الدفاتر ومع القلم فهم الذين يفهمونها ويعاتبونها ويلومونها واذا بكت مسحوا دموعها واذا فرحت فرحوا واذا حزنت حزنوا... صارت الطفلة خوْد فواصلت نقشها على الورق الابيض، فأصبحت تعيش بين الاسطر فصار ملاذها للحياة.. ولكن طريقها كان ممتلئ بالشوك كما تعرضت الى عثرات عدة اوقعتها ارضا ولكنها وقفت وواصلت طريقها بكل ثبات متحدية قاهرة الشوك. ... وأخيرا اهتدت تلك الطفلة الحالمة البسيطة التلقائية الطموحة الى ضالتها فصارت حديث الصباح والمساء... فحاولت تغليف الحقائق وتزييفها فأرادت ان تمحي تلك الذكريات من مخيلتها ولكنها لم تستطع لأنها ظلت تراودها بين الفينة والأخرى. * صفاء بلعيدي (بنزرت) * دعوة صامتة حين تكون مكسور الخاطر.. تعال... نصوغ شرابا من زبد الأمنيات... ونشرب معا نخب الزمالة.. سنغرس احلامنا الذابلة في اكفّ الفجر... ونسقيها بندى ذكريات لا تملّ الاغتسال سنترافق على مركبة جذلى تتهادى على همس الزمان وتعانق احرف الرسالة سنرتجل الصمت... ويتعلّم الصمت منا الارتجال فالكلام ارهقته افواه الاستهتار وشوّهته شفاه الرذالة فنفض عنه غبار الاهمال التفّ كفن النسيان واستقال.. سنسافر مع المساء.. حتي يذكرنا الصباح وسنسير معا في شوارعه المظلمة حيث الصمت يطفو.. ويضفي على همساتنا الكاذبة رونقا وجمال سنتكلّم السلام.. ويصرخ امان ليالينا فينا.. ليذكّرنا بالرحيل والاستقرار ينسينا.. ففي بحر الحلم والذكرى.. رسمت لنا امواج الأقدار رحلة ابدية، فأمتهنا السفر والترحال * الأهداء: الى كل من فضّل الصمت حين احترقت الكلمات على شفتيه * نادية عمارة سلقطة المهدية * قبل الرحيل انت الذي لامست شعري ذات عشية.. وقلت ان عينيّ جميلتان مثل قطرات ماء ندية.. انت الذي كنت اذا ما التقيت بي صدفة.. تنظر في عينيّ طويلا وتتمتم في اذنيّ بأنني بهيّه.. كأميرات القصص الخيالية.. ولكنك رغم هذا وبعد كل هذا لم تقل انك تحبني وتريدني الى الأبد.. بل قلت انك تستعد للرحيل الى الأبد.. .. ولكن قبل ان ترحل افكرت في هذه الفتاة الشقيّه؟؟..، والتي اخذت منها قلبها... وعقلها... وروحها ولم تترك لها شيئا.. سوى ذكريات في بعض الأمكنة وبعض الأمنيات الوردية * سلمى (صفاقس) * قصيدتان فلسفة.. يقولون ان الحياة هي الحياة ونحن بها عبيد ضعاف نعيش ونقضي.. على الدرب نمضي ولكن تُرى؟ هل يطول المقام بنا؟ أم سنقضي بها؟ بغتة لا ندوم؟ كرمشة عين..؟ كلمح البصر؟ فن الألم! حين يفتح الأسى ابوابه.. وتنغلق أبواب الأمل نتعلم من الدمع فن الألم ونتقن الاه تنطق من العيون.. وتلوح على المقل.. نبكي على زمن مضى.. ولم تزل... ذكراه في القلب تدميه.. بلا كللْ!! * أنيسة (صفاقس) * موعد مع الهوى معذبتي ما كنت يوما خاطرة في قلبي الا زمن مواعيد الهوى طوال سنين غرامي بك وحاولت مرارا بأن استهوي قلبك نحو قلبي وأبعده عن طريق غرورك والأوهام وصارحتك بنداءات متكررة مجروحة بأنك تسكنين اعماقي وتبلغك دموعي معاناة احداقي من ظنونك بي وخلت نفسي بأني وجدت درب الوله يوم لقاء جمالك وآملت بأن نحافظ على الرجاء في الغرام طول الدهر ولكنك تلاعبت مع الريح بجراح نزفت طويلا من كثر إذاءك بقلب احبّك بعنف وبصدق. * ابن البحر (المهدية) * ردود سريعة * حسناء البريكي بوفيشة «فرح وذكريات« تكشف عن موهبة شعرية ننتظر افضل منها ودمت صديقة للواحة. * سعيد فريانة «بين يديك« ننتظر افضل منها، دمت صديقا للواحة. * زياد لبّوكي توزر «بدون تعليق« فيها ومضات شعرية مرحبا بك في نصوص أخرى. * فرج هرقلة القصيدة التي وصلتنا منك تكشف عن موهبة شعرية ننتظر منك نصوصا أخرى. * عبد الوهاب ماجل بلعباس «أم الشهيدات« فيها نفس شعري ننتظر منك نصوصا أخرى. * حمدي فوشانة «حبيب مقهور« تكشف عن موهبة تجعلنا ننتظر منك نصوصا أخرى.