تبقى الحامة من العلامات المضيئة في تاريخ تونس منذ قرون فقد قاومت المستعمرين والطغاة والحكام الظالمين وذلك ما أكده المؤرخون والرحالة الذين يعرفون الجهة حيث كان متساكنوها في مقدمة ثورة علي بن غذاهم كما قاوموا المستعمر الفرنسي منذ دخوله الجنوب التونسي فكانت ثورة المشائخ ضد البايات سنة 1915 التي تلاها عصيان محمد الدغباجي ورفع السلاح في وجه المستعمر الذي أعدمه بساحة المدينة تنكيلا به... وانطلقت المعركة التحريرية التي توجت باستقلال البلاد سنة 1956 فكانت مساهمة الحامة كالعادة فعالة على المستويين الفكري والمقاومة المسلحة حيث أنجبت المصلح والمنا ضل الطاهر الحداد والنقابي محمد علي الحامي والزعيم الوطني جلولي فارس رئيس أول مجلس تأسيسي والذي وضع دستور تونس الحديثة وقادة المقاومين الطاهر الاسود وساسي لسود ومحمد بن حسونة ويانس بن الفالح ومئات المقاومين وكان للحامة شرف اطلاق أول رصاصة على المستعمر سنة 1952وقدمت للوطن عشرات الشهداء.
تنمية منعدمة
ولكن كان جزاؤها «جزاء سنمّار» حيث لم ينلها شيء من المؤسسات الاقتصادية العمومية التي كانت بيد الدولة نتيجة مساندة متساكنيها للزعيم صالح بن يوسف والاختلاف الذي جد بين بورقيبة وجلولي فارس وبقيت المنطقة تعاني من الفقر والبطالة رغم ما تزخر به من امكانيات فهي تمسح ثلث ولاية قابس 233 ألف هكتار من جملة 700 ألف هكتار وتزخر بثروة هائلة من المياه المعدنية الساخنة للعلاج وللفلاحة الجيوحرارية ومواد انشائية ثمينة ك»البانتونيت» وشتى أنواع الطين والكلكار. وقد هلل متساكنو الجهة بانقلاب 7نوفمبر 1987 ولكن فرحتها لم تدم طويلا حيث كشر نظام المخلوع عن أنيابه نتيجة انتماء الشيخ راشد الغنوشي مؤسس حركة «النهضة» لمدينة الحامة فحرمها من حقها في التنمية بل شجع على تفاقم المشاكل العقارية والاجتماعية كايقاف حل الأراضي الاشتراكية والانتزاع المجاني لفائدة مستثمرين من الداخل والخارج من أقارب المخلوع وأصهاره وحتى يذلهم أكثر منع عنهم أي تحرك واحتجاج وركز الى جانب مركزي الأمن العمومي والحرس الوطني منطقة شرطة وفرقة تدخل ومنطقة عسكرية على امتداد عشرات الآلاف من الهكتارات وأكبر ثكنة للجيش بالجمهورية على أراض خصبة كان مردودها في الزراعات الكبرى والمراعي الطبيعية كبيرا وهو ما قلص من نشاط القطاع الفلاحي البعلي والمروي وتربية الماشية العمود الفقري للدورة الاقتصادية المحلية ومورد رزق جل ابناء الحامة. شهداء وجرحى ولكن.. وقد مضى أكثر من 15 شهرا على ثورة 14 جانفي والتي قدمت فيها المنطقة 4 شهداء وعديد الجرحى وهو أعلى رقم بكامل الجنوب ورغم ذلك لم تأخذ الجهة حظها من قبل السلط والمنظمات وبقيت دار لقمان على حالها فآلاف المعطلين مازالوا بانتظار حظهم من التشغيل وبالخصوص حاملي الشهادات العليا ولا بوادر واعدة للاستثمار وتحسين ظروف عيش المتساكنين.