حصل أن شاهدنا في مهرجان قرطاج بعض الفنانين العالميين مثل جوكوكر وخوليو وباتريك برويال وغيرهم يمتنعون على أن تنقل حفلاتهم إذاعيا أو أن تصوّر تلفزيا لأسباب تتعلق بالحقوق الأدبية للفنان.. وحصل كذلك أن منع ملحم بركات «روتانا» المحتكرة لعدة سهرات في مهرجان قرطاج بثّ حفلة مباشرة واشترط مبلغ 100 ألف دولار.. وعندما سئل عن هذا الشرط المجحف، أجاب المسؤولين في «روتانا» متسائلا : «هل نانسي عجرم ومشتقاتها أفضل منّي؟» واكتفى بذلك.. ونفهم أن الأمر كان موقفا عمّا يجري وردّ فعل لينتصر للقيمة الفنية الذاتية والعامة.. نماذج من الرفض وهذا التعامل مع الاعلام السمعي والمرئي بدأ يحدث في تونس ربما يقتصر الأمر الآن على بعض المواقف المعزولة.. فهل يأخذ شكل القانون في الأيام القادمة؟ ومن بين النماذج على منع التغطية الاذاعية والتلفزية للعروض الفنية تلك التي حصلت في مهرجان بنزرت بين أمينة فاخت وفريق تلفزي، حيث رفضت أمينة وجود أي كاميرا على الركح وكانت تجري وراء الكاميرمان طارق المسراتي ب»شلاكة».. أما لطفي بوشناق ففعلها عدة مرات مع فرق الاذاعة والتلفزة آخرها منذ أيام، وتحديدا يوم 13 مارس 2004 بمناسبة حفله بالقبة. مسألة حقوق أدبية أم جودة تقنية؟ في اعتقادي تتنزّل الحقوق الأدبية في المرتبة الأولى في هذه المسألة، والحقوق الأدبية في مفهوم هذا الرفض تعني المقابل المادي.. ويؤكد هذا الأمر الشرط الذي اشترطه بعض الفنانين التونسيين مقابل مجرد حضورهم في برامج اذاعية وتلفزية.. وهذا لم يكن يحدث في بداياتهم عندما كانوا يجرون وراء الاعلام.. فهل هو منطق «لما اشتدّ عوده رماني»؟ (بمعنى الرمي وليس الرماية) لكن قد نعطي الحق للفنان إذا كان رفضه للإذاعة والتلفزة بحرص منه على تقديم صوت نقيّ وصورة جيدة وهذا يدخل في قوانين الاحتراف.. ولنا مثال في التغطية التي قامت بها إذاعة الشباب لحفلي نبيهة كراولي من منزل تميم وصابر الرباعي من القبة.. ففي الحفل الأول الذي قدمته نبيهة على هامش الدورة 16 لمهرجان الهواة بمنزل تميم كانت الأمور التقنية وطريقة العزف سيئة الى درجة أنك لا تدرك بسهولة صوت نبيهة أو قد يخيّل إليك أنك أمام توزيع جديد لأغانيها.. وأعتقد أن نبيهة لو استمعت الى هذا التسجيل لأصابتها حالة إغماء.. وصوت صابر الرباعي القادم من القبة لم يكن أحسن حالا من الصوت القادم من منزل تميم.. لأنه مشتق من صوت صابر أو من صوت نبيهة بسبب الأجهزة التقنية للحفلين..