عندما شرع المنتخب الاولمبي التونسي في التصفيات المؤهلة لأولمبياد أثينا اعتقد الجميع ان عناصرنا الوطنية غير قادرة على الترشح بالنظر الى المجموعة الصعبة التي ننتمي اليها وبسبب عدم توفر المدرب على لاعبين «بارزين» بإمكانهم تحقيق المطلوب.. غير ان زملاء جمعة «كذّبوا» كل هذه التكهنات رسميا يوم مارس بملعب رادس بعد انتصارهم على المنتخب الاولمبي النيجيري بثنائية نظيفة، وبعد ان لقّنوا دروسا لمنافسيهم داخل تونس وخارجها على مرأى ومسمع الصغير والكبير.. من يفهم الكرة ومن لا يفهمها.. لكن هذا الترشح بقدر ما كان شهادة امتياز تنضاف الى سجل الكرة التونسية بقدر ما كان انذارا خطيرا لكل الفرق المحلية... صحيح ان لاعبي المنتخب الاولمبي عبروا الى أثينا بإقناع وابداع كبيرين، لكنهم في المقابل أطاحوا من حيث لا يقصدون بأنديتهم بعد ان وجهوا لها ضربات موجعة على الرأس!! فقد لا نأتي بالجديد اذا قلنا ان أغلب العناصر الوطنية التي شاركت في التصفيات تمر بفترة «بطالة» كروية شبه دائمة في فرقها على غرار وسام بن يحيى، جمال رحومة، صابر الطرابلسي، عصام جمعة، زياد بحايري، والقائمة طويلة... المتعارف عليه ان الاندية التونسية دائما ما تلهث وراء النتائج الآنية ولتحقيق هذه الغاية في أقصر وقت ممكن تلجأ الى الاعتماد على ما تسميهم (ويسمونهم) «أصحاب الخبرة». رغم انها تخرج في عديد المناسبات فارغة اليدين... هذه العقلية حالت دون بروز اللاعبين الشبان الذين يجدون أنفسهم في أغلب الاحيان على بنك البدلاء مما يفقدهم الكثير من امكاناتهم البدنية والفنية.. وحتى في صورة تشريكهم فإن ذلك يقع إما في المقابلات الودية او في المباريات غير «الحاسمة».. وفي أفضل الاحوال فإن هؤلاء يقع التعويل عليهم اثر انسحاب الفريق من مسابقة كروية ما وعدم تحقيق عناصر الاكابر للنتائج المأمولة.. فيتم الاستنجاد باللاعبين الشبان بسبب الظروف الانتقالية الصعبة وكما يقال «للضرورة... أحكام..». وقد يتساءل بعضكم أنى لعناصرنا الوطنية ان تنجح رغم كل هذه العراقيل... الاجابة لا تتطلب أدنى تفكير.. فالتشجيعات التي تمنحها الجامعة كبيرة ثم ان هؤلاء اللاعبين أرادوا توجيه رسالة مضمونة الوصول الى أنديتهم التي قست عليهم في كثير من الاحيان. لذلك بات من الضروري ان تقتنع كل الاندية انها مطالبة بدعم اللاعبين الشبان وتوفير ظروف النجاح لهم.. لا ان تكون «محرقة» للمواهب الكروية الصاعدة وفي الآن نفسه اكثر منتج ومصدّر «للشيوخ» لأن كرة القدم لا تقاس بعدد السنوات بل بالامكانات الفنية والبدنية... من سيذهب الى أثينا؟ هذا هو السؤال الذي أصبح يطرح بشدة منذ تحقيق الترشح لأن شد الرحال الى معقل «الفلاسفة» تسبقه ضجة كبيرة قبل الاعلان عن القائمة النهائية التي ستشارك في أولمبياد أثينا.. ما نتمناه هو ان تحافظ القائمة على أغلب العناصر إن لم نقل كلها التي شاركت في التصفيات... لا أن يقع «حرمان» بعض اللاعبين بسبب استدعاء آخرين «غرباء» عن المنتخب لم يشاركوا في التصفيات ولو لدقيقة واحدة!! وبذلك تعاد نفس الحكاية التي حدثت في مناسبات كروية فارطة.