وزير داخلية الحكم الانتقالي في عراق الاحتلال، تحدّث عن مخاطر نشوب حرب اهلية في هذا البلد،في ظل تعثّر ما اسماه ب»العملية السياسية» الجارية في العراق. ومن خلال تصريحات اعوان هذا الحكم الانتقالي والموالين له في العراق او في واشنطن فإن الصورة الاقرب الى الحرب الأهلية لديهم هي مؤشرات التمرّد في صفوف انصار احد زعماء الشيعة في العراق، مقتدى الصدر، الذي حرّك خلال يومين فقط اغلب المدن الشيعية العراقية التي ظلت لحوالي سنة «ترفض» الاحتلال ولكنها تسايره وتبحث من خلاله عن دور سياسي خاصة بعد ان اطلقت واشنطن طُعما ذي إغراء خاص للشيعة وهو المشاركة في صياغة دور سياسي للبلاد، بحجم تواجد المذهب الشيعي على خارطة العراق. يوم بعد يوم.. وشهر بعد شهر، بدأت بعض تيارات الشيعة تكتشف ان «العملية السلمية» التي يتم التداول بشأنها ليست سوى ترتيبات سطحية الغرض منها هو ايجاد وجه آخر للاحتلال الامريكي للعراق يبدأ كما يتم التبشير لها الآن بتسليم السلطة الى العراقيين في موفى جوان المقبل، وتشكيل حكومة مؤقتة وتنظيم انتخابات «شفافة وديمقراطية» وينتهي عند تواجد عسكري ضخم في قواعد دائمة بالعراق... وكل هذه المسيرة ستتم كما هو متوقع بتخطيط وتنظيم من اعوان مجلس الحكم الانتقالي، الذين سيكونون من المترشحين، ومن المصوّتين بالضرورة حتى انه يتم الحديث بعد عن «الجلبي» بكل ما عُرف عنه من عيوب مشينة، باعتباره رئيس العراق المقبل.. وستنكشف مع قادم الايام، كل المخططات المرتبطة بالاحتلال والتي لا يمكن للعراقيين انتظار الفرج معها لأنها تصبّ في مصلحة الاحتلال فقط، وربما بعض «العراقيين» الذين حلوا مع الاحتلال ويدورون حاليا فلكه، خدمة له، وليس خدمة لأنفسهم، او للعراق. وإذا ما عدنا الى استعراض تلك المخططات فإن اشعال فتيل الحرب الاهلية وبث الفتنة الطائفية كان من اوكد اهداف الاحتلال، الذي عزف منذ البداية على وتر الشيعة «المستضعفين» و»غير الممثلين» في السلطة، او الاكراد المضطهدين.. والذي فتح الباب امام تجاذبات طائفية ومذهبية او قومية عمل على ان تنعكس على مستوى تركيبة مجلس الحكم الانتقالي وهو الوجه «العراقي» للاحتلال وكذلك في القانون المؤقت لحكم العراق، الذي اسس لمثل هذا التوجه... وقد كادت مطامع واختلافات عناصر هذا المجلس، الطائفية والمذهبية والقومية ان تطغى على «الهدف الأسمى» الذي وجدوا من اجله عندما اعتقد كل طرف ان الباب مفتوح امام كل المكاسب المذهبية او الطائفية او القومية التي بإمكانه تحقيقها على حساب الآخرين. ولم يكن اي من هؤلاء معني بمستقبل العراق الموحد بعيدا عن الطائفية او المذهبية.. هؤلاء زرعوا بذور الحرب الأهلية في العراق وعلى الرغم من ذلك لم يحدث الانفجار وتغلّب شعور العراقيين بالعراق الموحّد على كل المؤامرات التي استهدفت دفع هذا البلد الى بؤرة الحرب الأهلية. اما وقد بدأت بعض تيارات الشيعة تخشى ان تكتشف انه تم استعمال صمتها في ارساء الاحتلال وان سنة كاملة من المناورة السياسية لم تفض بها الى تحقيق ما تصبو اليه من اهداف وبالتالي بدأت بمراجعة موقفها لتحذو الى جانب تيارات السنّة التي اعلنت المقاومة الفعلية منذ البداية فإن ذلك يُنظر له باعتباره من مؤشرات الحرب الأهلية. فهل ان انتفاضة الصدر واتباعه هي ضد العراقيين حتى يقال انها بداية حرب اهلية؟! وحتى مجلس الحكم فإنه لا يمثل العراقيين ثم ان هذا التيار لا يستهدف جماعة الحكم الانتقالي الذين اظهرت كل الأحداث انه لا حول ولا قوة لهم هذا التيار اعلن عداءه للاحتلال الامريكي، وهو بذلك يلتحق بصفوف الوحدة الوطنية العراقية وقد رحّب علماء السنة وفصائل المقاومة العراقية بهذا التطوّر الايجابي بل ان بيانات المقاومة عكست بوضوح هذا التطلّع نحو اكتمال الوحدة الوطنية بانضمام شباب الشيعة الى المقاومة. وعندما تقول هذه البيانات «ان الفلوجة لن تخذل كربلاء» فإن ذلك هو الدرس الذي يظل عصي الفهم على الوافدين مع الاحتلال.