عبد الكريم شمس الدين (لبنان) تدانت لديه المسافات انطوت الارض دون خطاه مسافة قوسين. أو هي أدنى ويدخل دائرة الضوء منتصبا مثل رمح بكفّ بطل ويمتشق القلب يطلقه للجموع التي انتظرته طويلا وكانت قد ارتحلت دونه غير أن الطريق مضيّعة والرمال تحركها شهوة الريح تلغي معالم كل الدروب فلا واحة ترتجى، أو مناره وفوق الشفاه ظمأ من سيلعن هذي السنين العجافْ؟ سيقتل خوفا تنامى على الطرقات، وفي الحدقات وفوق الاسرّة حتى استحال الى عالم من ضنى بعيدا مضى في الليالي التي أوحشت والجفون التي انتهكت كل أحلامها بعيدا. بعيدا. بعيدا. توغّل عبر المسافات يدرك أن العيون التي حلمت لم تزلْ والشفاه التي ظمئت لم تزل والجموع التي انتظرته طويلا ستلقاه حتى على حد خنجر مال في لحظة إعياء ولم يسقط ولا انهدّ الجسد وانحنى... ما كان يهوي إنه يرسم في الارض خطاه إنه يرصد في الافق مداه إنه الفارس يرتاح على السيف لكي يزرع في الآتي هواه جارحا يطلع من خاصرة الليل كمثل الرمح... كالصبح كوجد المبعدين طال مسراه. وطال الشوق هذا الزمن المهزوم كم حمّله ثقل أمانيه وهذي الرحلة المتعبة الخطو امتداد لزمان الخوف لم يبق من الحب سوى القلب الذي أتعبه الهجر وأجفان حيارى وهو ما ألقى عصا الترحال أو جفّت ينابيع هواه إنه الاغنى على البال بلاد حملت زهوا وأرض... أخصبت في زمن القحط مواسم وضفاف... مدّت الاذرع للسهل الفسيح إنه الأسنى فهذي غرة الصبح محيّاه وعيناه مدى الصحو ارتحال نحو آفاق بعيده بين ماء البحر والصحراء ألقى ظلّه يجتاز كثبانا ويطويها مفازات خطى متئده. مفردا يمضي الى غايته والدرب في عينيه يمتدّ بعيدا هامزا أشواقه لابد أن يبلغ مرماه ولو طال السطر إن في عينيه أجيالا من القهر وأزمانا من الصبر... ونارا في الحنايا موقده وعلى الصدر جراحات وفي جبهته ظل السنين المجهده وهو الواعد باليقظة والليل سبات طال والايام ريح من غضبْ إنه الواقف في الشمس تعرّى من ثياب العصر واختار الطريق الوعر ما أندر أن يلقى له ندّا هو اللحظة فيها يقف التاريخ مذهولا وتبدو في حياء البكر كل الازمنه سقطت كل الوجوه المستعاره وحده الوجه الذي كالصبح لا يخدشه الغيم ولا تغتاله العتمة أو يغرقه موج البحار العاتيه وحده الجوّاد كالارض التي ما بخلت يوما بطيب وغلال أصدق التاريخ ما يكتبه بالدم أغلى الحب ما كان عطاء لا سؤال