فجأة سكت بوش... واختفت طلعته البهية من شاشات التلفزيون... وترك العسكر في الواجهة السياسية بينما سمعته تتخبط في الوحل في الفلوجة وما جاورها... تماما كما حدث في فياتنام عندما تحول أبطال البطش الى منبوذين من المجتمع الامريكي ولما عادوا غرقوا في الكحول والمخدرات والعنف والذّل... مسح فيهم الساسة خطيئتهم ولكن الملف لم يغلق بعد... فجأة سكت العرب الرسميون... وماذا يقول الذين قالوا انه على العراق ان يتخلص من أسلحة الدمار الشامل... ماذا يقول الذين سجوا العراق وقيدوه لينحره السيد المحرر... حتى الذين قالوا اننا لا نتفاوض مع الامريكان وانما نتوسل اليهم فقدوا شجاعة التوسل... المقاومة «اللعينة» أحرجتهم أكثر مما أحرجت الامريكان... وأفسدت عليهم الاحتفال بذكرى «تحرير» العراق... ساحة الفردوس تحولت الى ساحة جهنم... والمأساة هو انه خلافا لما ينتظر بوش ليس هناك صناديق اقتراع في الافق لينالوا عقاب شعوبهم... فجأة سكت الغرب المتحضر... غير انه سكوت الشامت في القاتل لا في الضحية... في الفلوجة يدافع المقاومون عن الجميع بما فيها مكانة أوروبا في لعبة الامم القادمة... في الفلوجة وما جاورها تتكسر نظرية المتطرفين الذين يسيطرون على البيت الابيض. ما يجمع بين كل هؤلاء هو الفزع... فالصدمة والترويع لم تصب الامريكان وحدهم... اسرائيل تصلي لابادة العراقيين لانها تعرف معنى انكسار المخطط الامريكي هناك... أوروبا تدرك أن التطرف والظلم الذي تمارسه الادارة الامريكية يوسع قاعدة التشدد ويضعف الانظمة في العالم العربي والاسلامي وتعرف انها ستكون ضحية النقمة المرتدة... وتعرف ان قدراتها وتفوقها العسكري لا يحميانها من حرب ما بعد الصواريخ... حرب الأشباح... أما العرب... المرتعشون بالوراثة... الباطشون ببعضهم واللينون مع الذئاب فانهم فزعون من أمريكا ومن المقاومة معا... ومرة أخرى يضيعون فرصة الوقوف الى جانب شعوبهم... لقد استكثروا حتى بيانات التنديد بقتل المدنيين... ومن تكلم منهم ضيع فرصة السكوت لما دعا الى «ضبط النفس» وطالب المقاومة «بمراعاة مصلحة الوطن»... ألا يستحون؟!! ألا يستحون... ألا يستحون!! لقد تعمدت تجاهل المنظمات الحقوقية... لسبب بسيط وهو ان الحق لا يسترد الا بيد اصحابه لا بيد المتاجرين... وتعمّدت عدم الحديث عن أعضاء مجلس الاحتلال المؤقت، فهؤلاء مازالوا يحتفظون بتذاكر «شارتير» في جيوبهم... واذا لم يجدوا مكانا فسيأخدهم حاكمهم بريمر في حقيبته...