في الزمن المقلوب تتحقّق أغرب الخرافات... في الزمن المقلوب ينقلب الكوب ولا يسيح الماء.. ويتدحرج الكسيح ذهنيا من أسفل إلى فوق.. في الزمن المقلوب يتحول اللؤم إلى ذكاء ويتهم الكريم بالغباء.. الخبث فطنة والاستقامة تقسم الظهر.. إنها لغة العصر وهي لغة القوة التي بطشت بقوة الحق والعدل. بإمكاني أن أتوقف عند هذا الحد.. لأعلن انتهاء البطاقة.. فما سلف من القول يفي بالغرض.. ولكن بياض الصفحة مازال ممتدا وحتى لا أترك فرصة تعمير الفراغات لأصحاب النوايا التي تجلس القرفصاء سأسوق أمثلة عابرة تخترق مجالنا الذهني كل يوم. عرفات صاحب جائزة نوبل للسلام.. ارهابي ويدعم الارهابيين. اسرائيل تتنازل عندما تقرر «امكانية» الانسحاب من غزّة.. تتنازل عن شيء هو أصلا ليس ملكا لها. شارون قاتل الأطفال.. رجل سلام هكذا قال بوش. أمريكا تسمي ما اقترفته في العراق «تحريرا» وتسمّي المقاومة ارهابا.. وتسمّي الخونة أصدقاء وحلفاء الوزير الأول المؤقت في العراق الدائم فخور بأنه تم تجنيده من قبل المخابرات الأمريكية وزاد فقال انه تعامل مع حوالي 15 جهاز استخباراتي.. هذا الرجل لوحده شرق أوسط كبير. السيستاني حرم المقاومة ما لم يتجاوز المحتلون الخطوط الحمر. دمروا العراق بشرا وحجرا واستباحوا المقدسات كلها... ومازالت الخطوط الحمراء مثل أسلحة الدمار الشامل.. غير موجودة. رئيس العراق الذي فاز بورقة بروموسبور سياسي.. وجد نفسه فجأة في الصورة مع رؤساء أكبر دول العالم في قمة الثمانية.. كان يبتسم سعيدا والعراق.. يحترق.. كان عليه أن يقترح انعقاد القمة القادمة في الفلوجة.. ليؤكد مقولة الأمريكان المعهودة «نحن نحرز تقدما في العراق». أمريكا وبريطانيا شنتا حربا ظالمة وغير شرعية على العراق ثم نجدهما في مجلس الأمن يقرران مصير العراق بعد الاحتلال.. إنه حق الشفعة في الزّمن المقلوب.. ومن لم ير الأحداث مثلي فليقرأها في الفنجان.