من حرب «تحرير» إلى حرب قذرة... ومن عقدة صدام... إلى عقدة فياتنام... بوش واخوانه أعلنوا الحرب على فرقة موسيقى الروك اسمها «طالبان» ثم على دولة نووية كيمياوية وبيولوجية اسمها العراق... قالوا سننهي كل شيء في غضون أسابيع قليلة نحرّر العراق ونبنيه وندمقرطُه ونُؤمركه... ندمر «القاعدة» هناك ونحول العراق إلى قاعدة هنا... وشاركت مؤسسات اعلانية في اخراج الاحتلال الوحشي في ثوب تحرير.... بوش واخوانه كانوا يطلعون علينا في التلفاز نافخين صدورهم رافعين عصا الطاعة في وجه الكل... عرب وعجم. أما العجم فقد قالوا لا... تظاهروا وندووا واعتصموا... وأما العرب أولئك الذين فتحوا أراضيهم ومياههم وسماءهم للقوات الغازية تقتل العراقيين وتسلب أرواحهم وتاريخهم ونفطهم فقد حافظوا على الصمت المريب... المقاومة العراقية تؤرقهم كما تؤرق أمريكا... وتفسد حساباتهم وتعرضهم إلى المحاسبة... شعوبهم في انتظار حساب التاريخ... بوش واخوانه فقدوا شرف المعركة... وفقد الجندي شرف الجندية... لأنه باختصار يقتل الأطفال والنساء ويهدم البيوت والمستشفيات ويمنع الاسعاف عن الجرحى... حتى بريمر الذي يمسك بخيوط الدمى المتحركة صارت المقاومة هي التي تحدد أجندته... هي المبادرة وهو يواجههم بندوات صحفية سخيفة... يعيد فيهما كلام لا يقنع إلا المرشدين الأذلاء الذين يحتمون بظله... في الفلوجة وقبلها كانت ستالينغراد... وجنين... تعيد المقاومة كتابة التاريخ العربي بالدم الزكي... نعم ما زالت قاذفة الدبابات تزغرد لما تسمع أهزوجة أو بيتا شعريا يحكي الوطن ويحكي الكرامة والعزة... في البداية قالوا ان المقاومة شرذمة... وها هو الشعب العراقي بأسره يصبح شرذمة... صاروا يعدون موتاهم «بالطزينة» وجرحاهم ب»طزينتين» وهذه الكلمات استعملها الناطق العسكري... أما العرب فلا علم لهم بما يجري لإخوانهم حتى بعد أسر الرئيس العراقي... يتحدثون عن اجتماع في القمر وبعضهم يتنزه في الجزر... وآخرون يبكون على قمّة مؤجلة كما لو أنها فوتت عليهم فرصة تحرير فلسطين أو تحرير العراق من «المحررين»... كما لو أنهم لم يساهموا في حصار وقتل شعب عزيز... كما لو أنهم لم يجتمعوا ذات يوم ليقرروا ذبح اسماعيل البغدادي قربانا لإدارة بوش....