لأن المكر السيء عادة ما يحيق بأصحابه، فإن الامريكان مكروا ل «الفلوجة» لكن مكرهم انقلب عليهم بالكامل... كيف ولماذا؟ الامريكان أطلقوا على عدوانهم الكبير على هذه المدينة الصغيرة تسمية «العزيمة اليقظة»... وهم بذلك ارادوا ان يرسلوا عديد الرسائل لعل اهمها: اظهار تصميمهم لأهالي «الفلوجة» الذين رفضوا تسليمها من تتهمهم بسحل جثث جواسيسها الاربعة نعم هم جواسيس في لبوس مقاولين. كسر ارادة مقاومي الفلوجة الذين يشكلون احد أضلع مثلث المقاومة السني الذي أرعب الامريكان وعرّى حدود جبروت ترسانتهم العسكرية. ارسال رسالة الى باقي المدن والمدن العراقية المقاومة مفادها ان قبضة امريكا من حديد ومصمّمة على المضي في صراع الارادات حتى كسر روح وارادة المقاومة لدى العراقيين. ردّ الاعتبار للقوة الامريكية الجبّارة التي أهينت ولطخت في وحل شوارع الفلوجة بعد حادثة السحل... وهو مشهد يصيب جبروت هذه الالة في الصميم لأنه اولا يبرهن لبقية المقاومين بأن هذه «الدابة» يمكن ان تحارب وتهزم... ولأنه ثانيا يحيي لديها ذكرى مريرة تحاول محوها من ذاكرتها ومن ذاكرة العالم حين سحل جنودها في عاصمة الصومال (موقاديشو) وكان ذلك عنوانا لانكسار امريكا ورحيلها من الصومال. لكن امريكا لا تريد الرحيل من العراق... لأن مخططاتها للمنطقة العربية وترتيباتها الاستراتيجية للاتحاد الاوروبي والصين وروسيا تمر عبر نجاح مخططها في العراق... ولاجل ذلك لم تستح اكبر قوة في العالم من منازلة اهالي مدينة صغيرة تدافع عنها مجموعات ضعيفة التسليح لكنها قوية الايمان، مصممة الارادة... ولأن المكر السيء يحيق في الاخير بأهله كما أسلفنا فإن امريكا حصدت من حملتها عكس ما خططت له... حيث افضت «العزيمة اليقظة» الى ايقاظ عزيمة العراقيين للمقاومة... وفي ايام معدودات اشتعلت مدن العراق وقراه تحت اقدام الغزاة وطلع العراقيون بخطة «يقظة العزيمة» في مواجهة «عزيمة امريكا اليقظة»... ليس هذا فقط بل ان سنة العراق وشيعته اتحدوا في النضال والمقاومة ليسفهوا احلام امريكا ويسقطوا برامجها لاحداث فتنة طائفية في الماء... وهذه الوحدة، وهذه الروح المتحدية التي انبعثت من جديد في الشعب العراقي هي التي ستقلب السحر على الساحر... وهي التي ستجعل مكر من مكروا بالعراق ينقلب عليهم...